رُفع العلم الفلسطيني فوق مباني الأمم المتحدة في نيويورك بتاريخ الإربعاء 30/9/2015، ولم يرفع أحد الصوت ضد ما يجري في فلسطين من ممارسات إسرائيلية عنصرية تبدأ من تهويد القدس ولا تنتهي من منع الفلسطينيين من تحقيق استقلالهم.
انشغل العرب عن فلسطين بأوضاعهم الداخلية وانشغل الفلسطينيين أيضاً بانقساماتهم الداخلية بين السلطة وحماس.
ولكن فلسطين في زمن التفتيت العربي بعيدة وقريبة في آن. حتى يمكن القول أن لكلٍ فلسطينه في العالم العربي. ولا أحد يجرؤ على مواجهة الواقع ووقائعه المرة.
إذ تمثل اللحظة العربية الراهنة أدنى درجات التراجع العربي في العصر الحديث. فمنذ الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 والأهداف الأميركية في تفتيت العالم العربي تتحقق في المنطقة. تفتيت العالم العربي يعني انتزاع النفط منهم كملكية حضارية أو ثروة وطنية. تفتيت العرب يعني ضمان أمن إسرائيل. تفتيت العرب يعني تصفية القضية الفلسطينية. تفتيت العرب يعني تضييع حلم الوحدة. تفتيت العربي يعني إبادة حضارة وتراث.
عام 1948 كتب بن غوريون:"لقد حدثت الأعجوبة. لقد اختفى الفلسطينيون". ولكن هذا لم يحدث. فكانت الحملة اليوم لكي يتفتت العالم العربي ويختفي العرب ومعهم فلسطين والشعب الفلسطيني. والحال، نحن الآن في البرزخ. نرى مرحلة جديدة ولا نلتمسها. نودع مرحلة قديمة ولا نعرف إذا ما انتهت فعلاً. وحال الشعب الفلسطيني اليوم كحال الشعوب العربية إنهم مثل ركاب سفينة تتقاذفها الأمواج ولا مهرب من الاصطدام العنيف بالصخور. والمأزق يلف الجميع وسط دويلات متخاصمة لا تسعى إلى وحدتها بقدر ما تسعى إلى حروبها وأوهامها وتحالفاتها الإقليمية والدولية. كان المفكر الراحل هشام شرابي يردد:"إذا لم تعد فلسطين إلى أهلها ونطاقها الطبيعي ومحيطها العربي فسينهار العالم العربي برمته".
وسط هذا المهب من المآسي القومية، من يتذكر فلسطين والقضية المركزية والصراع العربي الإسرائيلي، فقد تغيرت العناوين والاتجاهات والأهداف والمشاريع.
صحيح أن لا أخبار طيبة ولا تسر ولكن ثمة حقيقة يجب أن لا ننساها أن النضال لم يتوقف ولن. النضال لأجل إلغاء الإجحاف والظلم اللاحق بالشعب الفلسطيني. ولأجل أن يبقى الإنسان والمكان في مكانه وزمانه رغم كل شيء. ولأن تظل عكا هي عكا ولاتتحول إلى عكو. ولا تتحول يافا إلى يافو. النضال هنا علاقة وجود وبرهان حياة. قوة الإرداة والأمل. وإلا سيأخذنا التفتيت العربي المستمر إلى زمن النسيان. عندما يتفتت الزمان أيضاً فلا ماضٍ ولا حاضر ولا مستقبل.