انطلقت فرقة " خبز " المسرحية بعملها الاول على خشبة المسرح في العاصمة السورية دمشق، لتجمع في اسمها بين هموم المواطن اليومية من جهة، والثقافة والفكر والرسالة من جهة ثانية، لتقدمها في مسرحية " تحت جسر الثورة " في المركز الثقافي في حي كفرسوسة.
شخصيات مختلفة قدمت على المسرح، جمعت تفاصيل حياة السوريين، انفجار وارتفاع اسعار وهجرة وزواج مدني، وغيرها من الوجوه أداها 15 شاب وفتاة من الهواة. يصف مخرج العمل " راني أبو عيسى " الممثلين، فيقول " هم جميعهم من الهواة وأغلب الشباب يظهرون لأول مرة على خشبة المسرح، ومنهم من قدم على معهد الفنون المسرحية وتم رفضه، فجاؤوا جميعا وحققوا جزء من حلمهم "، ويضيف " البداية كانت بدورات اعداد ممثل وانتهاء بالاتفاق على تنفيذ نص لمسرحية ( تحت جسر الثورة )، سبب تسمية خبز لأنه أسهل وارخص وأهم المواد في حياتنا، فأردنا ان نوصل رسالتنا من خلال هذا الاسم ".
عن المخاطر التي واجهت انطلاقة فرقة مسرحية وسط الازمة والحرب التي تمر بها البلاد، يتحدث " راني أبو عيسى " عن تجربته مع الفرقة، يقول " منذ سنة تقريبا حضرت حفلا لفرقة نبض الموسيقية في مسرح الحمراء في دمشق، قبلها ومنذ بداية الازمة كان المسرح ( مسيس ) فأصبت بإحباط، ضمن الحفل الموسيقي لفظ ثلاث كلمات ضمن أغنية، وهي ( الله سوريا وحب )، هذه الكلمات أحيت لدي الامل أن الشباب بقدرته استطاع تحقيق إنجاز من خلال جمعية نحنا الثقافية التي تضم عدة مبادرات لدعم الثقافة، وفرقة خبز هي إحدى المبادرات "، ويصف أن المخاطر متعددة وهي التي نعيشها بشكل يومي مثل خطورة التنقلات بسبب قذائف الهاون وصعوبة المواصلات.
تحت جسر الثورة هو عنوان له صداه على أي شخص، يقول راني، وخاصة انه يوحي ببعد سياسي في هذا الزمن، " جسر الثورة " هو منطقة في قلب العاصمة دمشق ويشكل ممر إلزامي لمن يرغب بالانتقال بين شرق وغرب المدينة، يجتمع فيه كل أطياف المجتمع الغني والفقير والأمي والمتعلم ، وهو مكان غني بالشخصيات التي نصادفها بالحياة اليومية ، فتمت الاستفادة من هذا المكان لطرح موضوع " وسط دمشق " كيف نراها، والرسالة أن جميع هذه الشخصيات راحلة اما المكان فهو باقٍ. وينهي راني حديثه قائلاً " نحن من خلال هذه المسرحية نحارب بالفكر والثقافة نحن نحارب من أجل دمشق بطريقتنا، كان لدي خوف أن نبحث عن دمشق على الخريطة فلا نجدها ولكن العرض ساهم في تعزيز الامل لاستمرارية هذه المدينة ".
كاتب المسرحية " غياث سلطان " يصف النص المسرحي، يقول " أجمل الامور هي بسطاتها، ضمن المسرحية كان هناك مباشرة ولكن عملنا على اظهارها بطريقة بسيطة، قدمنا شخصيات حقيقية ضمن بيئتها، واختيار الشخصيات بناء على أفكار معينة رغبنا في إيصالها، فصيغة المسرحية هي الكوميديا السوداء، وهو الواقع الذي نعيشه
" . طرحت مختلف الاشكاليات الاجتماعية والاقتصادية في المسرحية، ويصف " غياث " الواقع الحالي الذي نمر به في مجتمعنا هو بناء على تراكمات كان من الممكن تفاديها منذ زمن، هناك تراجع فكري واجتماعي واقتصادي، فمثلا الزواج المدني احد المشاكل ما كانت تثير انتباه الناس أما الان فقد اوصلتهم الى مرحلة من الطائفية، هذه الاشكالية لم نقدم لها حل مناسب في المسرحية ولكننا طرقنا الباب على موضوع الطائفية .
سليم صباغ احد الممثلين ضمن الفرقة وهو من المساهمين في انطلاقتها، يصف بان الفرقة هي عبارة عن عائلة واحدة وهو سبب نجاح العمل المسرحي، وكانت البداية بورشة عمل مع المخرج موسي أسود، ومن بعده المخرج علي ديوب زهير بقاعي، والآن مع المخرج راني ابو عيسى، كانت التدريبات ضمن مكتب ومن ثم تم الانتقال إلى خشبة المسرح.
" أبو شوكت " هو اسم الشخصية التي يؤديها سليم صباغ، وهي بائع مشروبات ساخنة يجلس تحت جسر الثورة، شخصيته مستسلمة وانهزامية، ويقول " إن الشخصيات لامست الحضور، فكل شخص عاش أو سمع إحدى القصص التي قدمها لممثلون". ويصف حالة الممثلين خلف الكواليس، يقول " لم يكن لدى الممثلين خوف ولكن لديهم قلق لكي يؤدوا دورهم بطريقة صحيحة وخاصة أن معظمهم هو حضوره الاول على خشبة المسرح، وشكل تفاعل الجمهور معنا راحة لنا في تأدية أدوارنا ".
داخل قاعة المسرح كان عدد الجمهور أكثر من 500 شخص، فامتلأت المقاعد ، ومن لم يكن له مكان فضل الجلوس على الارض او الوقوف، لربما هي حاجة الانسان السوري للفكر والكلمة كما هي حاجته للخبز والماء، هي كانت الدافع الاكبر للحضور والمتابعة والتفاعل.
ملاحظة: فرقة خبز المسرحية إحدى مبادرات جمعية نحنا الثقافية.