136
عندما أنتهت الحرب العالمية الاولى وساد السلام الهش بضع سنوات وقعت الحرب العالمية الثانية، ووقع الهم الكبير في العالم العربي وخاصة في سوريا الطبيعية، اذ ارسل الغرب ناساً ملمومين من الشرق الاوروبي وغربه ليحتلوا فلسطين، وما زلنا في حروب وخلافات الى اليوم، منذ وجود "اسرائيل" الغرب، اميركا واوروبا تساعد هذه "الدولة" وتمّدها بالمال وبالسلاح وبالسياسة. نستطيع ان نقول ان الغرب تحت امرها وليموت العرب في غيظهم . لا بّد من هذه المقدمة " فبن غوريون" عندما احتلت فلسطين اوّل ما امر بالبناء، بناء متحف "لاسرائيل". والجدير بالذكر ان الفن الحديث l’art moderne قد ظهر في باريس على يد Picasso بيكاسو وماتيس Matisse، واول المشجعين لهما هم العائلات اليهودية الثرية.. عائلة شتاين stein وعائلة غوغنهايم Gyuggenheim، وهذه الأخيرة متاحفها في اكثر بلدان العالم من الخليج العربي.
إبان الحرب العالمية الاولى كانت باريس في أوج نشاطها وازدهارها، الفنون جميعاً مزدهرة فيها، من رسم وموسيقى وأدب وشعر، وكان يؤمها فنانون من العالم أجمع، من الشرق ومن الغرب. ومنهم Pablo Picasso (بابلو بيكاسو) الفنان العالمي الشهير الذي كان يتنقل من برشلونا الى باريس الى ان قرّر المكوث في باريس حيث تألفت مجموعة من الفنانين وكان يترأسهم بشخصيته وبجرأته وبفنه الجديد. هنا، لا بد من ذكر الكبير "هنري ماتيس" الرسام المثقف الذي أوجد طريقاً جديدة في التأليف والتلوين والذي عايش وعاشر بيكاسو والذي أثّر لونياً ببعض أعمال هذا الأخير… هنا لا ننسى ان بيكاسو هو اندلسي… وبقي اسبانياً حتى مماته في باريس، بعد ان طبع فن القرن العشرين بطابعه وتاركاً تأثيره بالفن والفنانين والاتجاهات الفنية.
لبنان وسوريا ومصر لم يكونوا غرباء عما يجري في باريس، وان كان اكثرهم لم يماشوا ولم يتأثروا بما يحصل في مدينة الفن، بل توصلوا فقط الى مرحلة "الانطباعية"، ارضاءً للبرجوازية اللبنانية التي لا ترضى سوى بهذه المرحلة من الفن.
من الرسامين الذين هاجروا الى اوروبا أذكر عمر الانسي، مصطفى فروح، صليبا الدويهي وقبلهم جبران خليل جبران الى اميركا حيث كتب ورسم بعد دراسته الفن في باريس. وميخائيل نعيمه في روسيا، والنحات الحويك وغيرهم، وفي أوائل الخمسينيات من القرن العشرين كثر عدد من راح الى باريس وروما، في ذلك الوقت أفتتحت في بيروت صالات للعرض وكثرت المعارض والصالونات السنوية فيها، وأمّ بيروت فنانون اوروبيون للعرض في مدينة بيروت التي اصبح اسمها معروفاً في العالم الفني الاوروبي، ولا بد من ذكر افتتاح الاكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة بواسطة الكسي بطرس وبعض المراسم منها مرسم " الرسام سرور" والرسام الوافد من اميركا خليل الصليبي .
في الشعر والادب لمع اسم الشاعر جورج شحاده في باريس وفي لبنان حيث اتى اواخر عمره وسكن في بيروت مع زوجته الفرنسية.
كان للارساليات الاجنبية وسفاراتها دوراً في اقامة المعارض وتقديم المنح. أذكر منها سفارة فرنسا وايطاليا واسبانيا. وفي صالونات هذه السفارات كانت تقام معارض مهمة، أذكر سفارة اوالمركز الثقافي الاسباني حيث رأيت رسوم ومحفورات العبقري " غويا" .
لا بد هنا من القول بان الارساليات الاجنبية التي حلت في بيروت كان لها دوران، دور ثقافي ودور سياسي. اذ ان الجامعة الاميركية أتت حاملة معها لغتها ولهجتها وتفكيرها وفكرها وطريقة عيشها، فأصبح اللبناني "المتعلم" يتكلم الفرنسية والانكليزية والطليانية، ومن هاجر الى امريكا اللاتينية هرباً من الفقر عاد باللغة الاسبانية وهذا عال، فاللبناني يحب اللغات! لكن لبنان أصبح كبرج بابل ! والمضحك ان أكثر اللبنانيين لا يتفوهون بجملة الا ويدخلوا فيها yes , so , of course, ok , no. غير هذه الكلمات العبقرية.. اما اللغة العربية، لغة الام، فلا أم لها ولا أب. ناهيك عن الاذاعات والتلفزيونات والمقدمين والمقدمات الذين يمزجون العربية بكل ما يعرفون من لغة أجنبية.. ولا من ينتقد ولا من رقيب" او حسيب .
وكأن اللبناني اليوم يرفض حاله، يرفض نفسه، يرفض لغته، الأ اذا شتم وسب، فلغته عندئذٍ واضحة جداً ومعبرة جداً…
بيروت بالنسبة للفنانين العرب كانت كباريس بالنسبة للفنانين اللبنانيين. العرب الذين يبحثون عن الشهرة كانوا يأتون الى بيروت، ويؤمون مقاهيها خاصة مقهى : الهورس شو" المقهى الذي كان مكاناً للقاء الرسامين والشعراء والموسيقيين،فترى الفنان الفلسطيني والمصري والعراقي والسوري والسوداني. فالمقاهي في تلك المرحلة كانت تعج ّ بالشعراء والكتّاب والفنانين والصحافيين والمسرحيين، كانت بيروت بحق في الخمسينات والستينات حتى اوائل السبعينات باريس الشرق، في صالاتها ومعارضها والكتب والشعر الذي يتجّدد فيها والمجلات الادبية. أما في تجديد وتحديث الشعر فهو مجرد رفض ماضي الشعر العربي وكان محارباَ من فئة من الشعراء الذين رفضوا كل ما هو شعر كلاسيكي عربي. للأسف أقول.. لأني كنت من محبّي الشعر…الشعر.. القوافي وليس ما سمّوه الشعر المنثور.. فالشعر شعر والنثر نثر.
قلت ان من كان يبحث عن الشهرة من الشعراء والرسامين العرب كان يأتي الى بيروت، من الرسامين العراقي ضياء العزاوي، والرافعي وآل سعيد وغيرهم، أما من كان نشيطاً بينهم فهو العّزاوي. أما الشعر فقد أتى من قرية سورية أحمد علي سعيد ، ( أعتقد هذا أسمه الحقيقي) مرسلاً قبل مجيئه الى بيروت قصيدة بهذا الاسم. فرفضت، لكنه ولأنه ذكي ويعرف كيف يتعامل، أرسل نفس القصيدة باسم ادونيس فقبلت.. واصبح أدونيس الشاعر العبقري والمفكر الكبير والفيلسوف الذي لا يضاهيه فيلسوف والمنتظر جائزة نوبل.. والانتظارطال..
هنا لا بد من ذكر هجرة رسامين وشعراء ومسرحيين من قراهم اللبنانية وسكنوا بيروت واختلطوا بالفنانين البيارته والفنانين الآتين من كل القرى اللبنانية والعربية والمدن.
كل هذه المجموعات جعلت من بيروت مزدانة بافكار وثقافات حوّلتها الى مختبر فكري وفنّي الى ان ظهرت بوادر الحرب الاهلية اللبنانية التي هدمت كل شيء، كل حرف، كل لون، كل فكر، وبقيت بيروت الآن. حتى الآن أحرفها مغلوطة، والوانها وسخة، وفكرها بلا فكر.
إبان الحرب العالمية الاولى كانت باريس في أوج نشاطها وازدهارها، الفنون جميعاً مزدهرة فيها، من رسم وموسيقى وأدب وشعر، وكان يؤمها فنانون من العالم أجمع، من الشرق ومن الغرب. ومنهم Pablo Picasso (بابلو بيكاسو) الفنان العالمي الشهير الذي كان يتنقل من برشلونا الى باريس الى ان قرّر المكوث في باريس حيث تألفت مجموعة من الفنانين وكان يترأسهم بشخصيته وبجرأته وبفنه الجديد. هنا، لا بد من ذكر الكبير "هنري ماتيس" الرسام المثقف الذي أوجد طريقاً جديدة في التأليف والتلوين والذي عايش وعاشر بيكاسو والذي أثّر لونياً ببعض أعمال هذا الأخير… هنا لا ننسى ان بيكاسو هو اندلسي… وبقي اسبانياً حتى مماته في باريس، بعد ان طبع فن القرن العشرين بطابعه وتاركاً تأثيره بالفن والفنانين والاتجاهات الفنية.
لبنان وسوريا ومصر لم يكونوا غرباء عما يجري في باريس، وان كان اكثرهم لم يماشوا ولم يتأثروا بما يحصل في مدينة الفن، بل توصلوا فقط الى مرحلة "الانطباعية"، ارضاءً للبرجوازية اللبنانية التي لا ترضى سوى بهذه المرحلة من الفن.
من الرسامين الذين هاجروا الى اوروبا أذكر عمر الانسي، مصطفى فروح، صليبا الدويهي وقبلهم جبران خليل جبران الى اميركا حيث كتب ورسم بعد دراسته الفن في باريس. وميخائيل نعيمه في روسيا، والنحات الحويك وغيرهم، وفي أوائل الخمسينيات من القرن العشرين كثر عدد من راح الى باريس وروما، في ذلك الوقت أفتتحت في بيروت صالات للعرض وكثرت المعارض والصالونات السنوية فيها، وأمّ بيروت فنانون اوروبيون للعرض في مدينة بيروت التي اصبح اسمها معروفاً في العالم الفني الاوروبي، ولا بد من ذكر افتتاح الاكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة بواسطة الكسي بطرس وبعض المراسم منها مرسم " الرسام سرور" والرسام الوافد من اميركا خليل الصليبي .
في الشعر والادب لمع اسم الشاعر جورج شحاده في باريس وفي لبنان حيث اتى اواخر عمره وسكن في بيروت مع زوجته الفرنسية.
كان للارساليات الاجنبية وسفاراتها دوراً في اقامة المعارض وتقديم المنح. أذكر منها سفارة فرنسا وايطاليا واسبانيا. وفي صالونات هذه السفارات كانت تقام معارض مهمة، أذكر سفارة اوالمركز الثقافي الاسباني حيث رأيت رسوم ومحفورات العبقري " غويا" .
لا بد هنا من القول بان الارساليات الاجنبية التي حلت في بيروت كان لها دوران، دور ثقافي ودور سياسي. اذ ان الجامعة الاميركية أتت حاملة معها لغتها ولهجتها وتفكيرها وفكرها وطريقة عيشها، فأصبح اللبناني "المتعلم" يتكلم الفرنسية والانكليزية والطليانية، ومن هاجر الى امريكا اللاتينية هرباً من الفقر عاد باللغة الاسبانية وهذا عال، فاللبناني يحب اللغات! لكن لبنان أصبح كبرج بابل ! والمضحك ان أكثر اللبنانيين لا يتفوهون بجملة الا ويدخلوا فيها yes , so , of course, ok , no. غير هذه الكلمات العبقرية.. اما اللغة العربية، لغة الام، فلا أم لها ولا أب. ناهيك عن الاذاعات والتلفزيونات والمقدمين والمقدمات الذين يمزجون العربية بكل ما يعرفون من لغة أجنبية.. ولا من ينتقد ولا من رقيب" او حسيب .
وكأن اللبناني اليوم يرفض حاله، يرفض نفسه، يرفض لغته، الأ اذا شتم وسب، فلغته عندئذٍ واضحة جداً ومعبرة جداً…
بيروت بالنسبة للفنانين العرب كانت كباريس بالنسبة للفنانين اللبنانيين. العرب الذين يبحثون عن الشهرة كانوا يأتون الى بيروت، ويؤمون مقاهيها خاصة مقهى : الهورس شو" المقهى الذي كان مكاناً للقاء الرسامين والشعراء والموسيقيين،فترى الفنان الفلسطيني والمصري والعراقي والسوري والسوداني. فالمقاهي في تلك المرحلة كانت تعج ّ بالشعراء والكتّاب والفنانين والصحافيين والمسرحيين، كانت بيروت بحق في الخمسينات والستينات حتى اوائل السبعينات باريس الشرق، في صالاتها ومعارضها والكتب والشعر الذي يتجّدد فيها والمجلات الادبية. أما في تجديد وتحديث الشعر فهو مجرد رفض ماضي الشعر العربي وكان محارباَ من فئة من الشعراء الذين رفضوا كل ما هو شعر كلاسيكي عربي. للأسف أقول.. لأني كنت من محبّي الشعر…الشعر.. القوافي وليس ما سمّوه الشعر المنثور.. فالشعر شعر والنثر نثر.
قلت ان من كان يبحث عن الشهرة من الشعراء والرسامين العرب كان يأتي الى بيروت، من الرسامين العراقي ضياء العزاوي، والرافعي وآل سعيد وغيرهم، أما من كان نشيطاً بينهم فهو العّزاوي. أما الشعر فقد أتى من قرية سورية أحمد علي سعيد ، ( أعتقد هذا أسمه الحقيقي) مرسلاً قبل مجيئه الى بيروت قصيدة بهذا الاسم. فرفضت، لكنه ولأنه ذكي ويعرف كيف يتعامل، أرسل نفس القصيدة باسم ادونيس فقبلت.. واصبح أدونيس الشاعر العبقري والمفكر الكبير والفيلسوف الذي لا يضاهيه فيلسوف والمنتظر جائزة نوبل.. والانتظارطال..
هنا لا بد من ذكر هجرة رسامين وشعراء ومسرحيين من قراهم اللبنانية وسكنوا بيروت واختلطوا بالفنانين البيارته والفنانين الآتين من كل القرى اللبنانية والعربية والمدن.
كل هذه المجموعات جعلت من بيروت مزدانة بافكار وثقافات حوّلتها الى مختبر فكري وفنّي الى ان ظهرت بوادر الحرب الاهلية اللبنانية التي هدمت كل شيء، كل حرف، كل لون، كل فكر، وبقيت بيروت الآن. حتى الآن أحرفها مغلوطة، والوانها وسخة، وفكرها بلا فكر.