الكتابة صعبة عن عزيز فارقنا لأن الكتابة لا تعود ورقة وقلماً، بل غصة في القلب ودمعة، ولكن هل صحيح أن غياب الأمين منصور عازار عن منتداه ومحبيه هو فراق!
لقد ودعناه وودعنا وكأنه يريد القول: أما الآن فوداعاً وإلى لقاء. نعم، ودعنا لكنه لم يفارقنا، إذ من الصعب على منصور عازار المحب والمغامر أن يفارق هذه الحياة لأنه كما في حياته كان دوماً يطل حيث لا نتوقع. إنه مريض تحت وطأة سنوات العمر، لكنه يُفاجئنا بحضور ندوة أو حفل توقيع كتاب، ويُفاجئنا أكثر في أنه جعل من بيته ندوة مستدامة لمحبيه ورفاق دربه.
كان على الضد من الشاعر العربي القائل:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبا لك يسأمُ.
لم يسأم تكاليف الحياة ومشقات النضال، ولم يسأم المغامرة في كل لحظة من لحظات حياته، وهكذا يقول كل من يعرفه….إنه خُلق ليُكافح ويُقاوم…متاعب الحياة بكل أشكالها وألوانها لم تكن له أكثر من لعبة يتقنها. ولعبة الحياة والموت لا بد فيها من ربح وخسارة، فكان يربح هنا ويخسر هناك، لكنه أبداً لم يبرح الساحة ولم يسأم أو يستسلم.
في نضاله الحزبي كان مقاوماً من الطراز الأول، من الطينة التي أرادها سعاده، وفي نضاله المعيشي كان المغامر أو المقامر الذي لا يحسب حساباً لربحٍ أو خسارة بقدر ما تستهويه المغامرة نفسها.
لا أحسب أن أحداً ممن عايش منصور عازار أو عمل معه في أي مجال، يمكن أن ينسى تلك القدرة على المواجهة التي كان يتحلى بها.
قد تختلف معه لكنك أبداً لا يمكن إلا أن تحترم رجولته ومواقفه…..وعناده في سبيل ما يعتقد أنه الحق والصواب. وبسبب ذلك العناد والأصوب، بسبب ذلك التشبث بما يراه صواباً، قد يخسر علاقة مع محب لكنه أبداً لم يخسر قيمة نفسه.
يصعب أن أقول للأمين منصور عازار وداعاً لا لقاء بعده، لأنه باقٍ معناً، مع محبيه وأصدقائه ورفاق دربه.