92
يوم أُعلن عن وفاة آرييل شارون، ظن بعض الناس أن في الأمر التباساً، ذلك أن الرجل مات منذ سنوات مضت، يوم أصابته جلطة دماغية أدت إلى موته السريري طيلة ثماني سنوات والرجل نائم في أحد مستشفيات الكيان الصهيوني، والدنيا تدور وهو أشبه بالميت، إلى أن كان إعلان موته في منتصف شهر كانون الثاني الماضي.
مات الرجل عن خمسة وثمانين عاماً، قضاها في مسيرة دموية، تارة تتصاعد وطوراً تهبط، في سياق من المجازر والاغتيالات والحقد والدم، في سبيل تثبيت دولة الاغتصاب الصهيوني على أرض فلسطين، حتى أن رئيس حكومته "بنيامين نتنياهو" قال فيه راثيا: "أنه كان محارباً عظيماً"، هاجر أبواه المزدوجي الأصل البولندي والروسي إلى فلسطين، فولد شارون أيام الانتداب البريطاني على فلسطين العام 1928، وسرعان ما التحق، وهو في سنه اليافع، بأكثر العصابات دموية في التاريخ "الهاغانا". التي لا تعد جرائمها ولا تحصى، وقد تخرج منها معظم قادة الكيان الصهيوني من "بن غوريون" إلى "موشيه دايان" وصولاً إلى "إسحاق رابين"، وشارون كانت له بصمات في القتل والترهيب والتهجير لأبناء شعبنا الفلسطيني، الذين غادروا أرضهم مذعورين من بطشه، إلى الدول العربية المجاورة، وصولاً إلى ارتكاباته العام 1953 في مجزرة قبية، تلك المدينة التي كنت تحت سلطة الأردن، والتي أدت المجزرة فيها إلى تهجير وقتل كل سكانها، على غرار ما حصل في مجازر دير ياسين وغيرها، ولا يزال أحد نواطير زيتون قبية حياً حتى اليوم وقد نجا من المجزرة بأعجوبة، يقول: إن وجه شارون البشع، الذي كان حاضراً ومشرفاً بنفسه على العملية، لا ينسى. يمكن القول إن الحضور العسكري لـ"شارون" كان طاغياً في كل حروب الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين والعرب.
فمن عصابات الهاغانا المجرمة إلى الجيش الاسرائيلي، ثم إلى رئاسة أقذر وأكثر الوحدات الخاصة بالارهاب في جيش الاحتلال، وهي الوحدة 101 التي أُنيط بها تنفيذ كل ما من شأنه، ما اعتبره شارون تعزيزاً لأمن دولة الكيان الصهيوني.
وهذه الوحدة هي المسؤولة، حتى عما كشف مؤخراً، عن قتل وتعذيب الأسرى المصريين في حرب 1967، وعن قتل قيادات فلسطينية خارج الكيان الصهيوني، ثم كانت قيادته لاجتياح لبنان وصولاً إلى العاصمة بيروت العام 1982، وما أدت اليه من نتائج، لاسيما مجزرة صبرا وشاتيلا، حيث قتلت ميليشا كتائبية، مدعومة من شارون نفسه، النساء والأطفال والرجال العزل من كل سلاح، وقد بلغ عدد الضحايا حوالي خمسة آلاف، وقد عدت من اكثر جرائم الحرب فظاعة، مما دفع، حتى بأصوات المعارضة داخل الكيان الصهيوني قبل الخارج، إلى تشكيل لجنة "كاهانا" للتحقيق بالأمر، فاضطر إلى الاستقالة من وزارة الحرب، وكانت النتيجة توجيه تهمة الاهمال وليس الارتكاب، ووضع الأمر في مسؤولية الميليشيا الكتائبية، التي عمدت إلى اجراء تطهير عرقي، كما دعي آنذاك، وكما كشف عنه لاحقاً، مع الاشارة إلى ان بعض الناجين من المجزرة، عمدوا العام 2001 إلى رفع دعوى في المحاكم البلجيكية ضد "شارون"، استناداً إلى قانون يدعى "الاختصاص العالمي" الذي يسمح لها بملاحقة مجرمي الحرب، ولكن المحكمة تعرضت لضغوط كثيرة، من قبل الصهيونية العالمية، أدت إلى تعديل قانونها. وبالرغم من ذلك لم يستطع أحد من تعديل الاتهام إلى "شارون" ومسؤوليته المباشرة عن المجزرة بحق الفلسطينيين.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، وشارون يقول: "جميعنا يجب أن نتحرك، أن نركض وأن نستولي على مزيد من التلال وأن نوسع بعض الأراضي، التي نعيش عليها، فكل ما بين ايدينا لنا، وما ليس بأيدينا يصبح لهم". هذا قول له اعلنه العام 1989 عبر إذاعة جيش الاحتلال، وهذا ما يفسر استفزازه بنفسه الفلسطينيين، واقتحامه باحات المسجد الأقصى العام 2000، حيث أدت خطوته حينها إلى اندلاع انتفاضة الأقصى التي استمرت حوالي نحو أربع سنوات، وقد قدمت حوالي تسعة آلاف شهيد فلسطيني، ناهيك عما حل في مذبحة جنين العام 2002، تلك المجزرة الدموية التي ألهبت العالم بأسره بسبب القتل والسحل والتنكيل عدا تدمير المنازل فوق الأحياء، الذي أدى لاستنكارات كبيرة من منظمات حقوق الانسان في كل العالم، وايضاً كانت المقاومة الضارية التي واجه بها بضعة شباب فلسطينيين جيش الاحتلال الصهيوني، وقاوموه مما جعل من تلك المقاومة أمثولة من البطولة.
هذا القتل الجماعي الذي احترفه "شارون" لم يختلف عنده كثيراً عن الاغتيال المنفرد لقيادات فلسطينية، حتى خارج فلسطين، على غرار ما فعله "ايهود باراك" شريكه في القتل للقيادات الفلسطينية، كمال نجار وكمال ناصر ويوسف عدوان في بيروت. إن الوحدة 101 للعمليات الخاصة التي ترأسها شارون متهمة بقتل الشيخ احمد ياسين أحد مؤسسي حماس، وأيضاً حصار ياسر عرفات في رام الله وربما أيضاً تسميمه، حيث مات بالسم كما تبين.
هذه السيرة الدموية لا تنتهي هنا فإن "شارون" كان أكثر قادة "اسرائيل" اهتماماً بالاستيطان الممنهج من خلال ترؤسه لجنة الاستيطان مع شريكه اسحاق رابين. لقد قاد شارون حركة تعزيز المستوطنات لليهود المستقدمين من أنحاء العالم، يقابل ذلك اقتلاع اكبر عدد من الفلسطينيين عبر اساليب متعددة أبرزها قراره بإنشاء جدار الفصل العازل.
هذا شارون الذي اكتفى البرغوثي بالقول عنه "إنه لم يترك ذكرى جيدة لدى الفلسطينيين"، والذي مات ودفن في ارض احتلها أبوه مع "الاشكيناز" الذين استوطنوا فلسطين.
أما الصهاينة المغتصبون فلسطين فهذا جيلهم يندثر الواحد تلو الآخر، من عصابات "الهاغانا" إلى شتيرن وسواهم.
وإذ تقول إسرائيل على لسان "نتنياهو" عن شارون، أن ذكراه ستعيش في قلب "الأمة اليهودية"، يقول العرب الأحرار فيه، إنه سيبقى قاتلاً ومغتصباً ومجرم حرب، وسيبقى أطفال فلسطين يهتفون فرحين: مات شارون مات السفاح.
مات الرجل عن خمسة وثمانين عاماً، قضاها في مسيرة دموية، تارة تتصاعد وطوراً تهبط، في سياق من المجازر والاغتيالات والحقد والدم، في سبيل تثبيت دولة الاغتصاب الصهيوني على أرض فلسطين، حتى أن رئيس حكومته "بنيامين نتنياهو" قال فيه راثيا: "أنه كان محارباً عظيماً"، هاجر أبواه المزدوجي الأصل البولندي والروسي إلى فلسطين، فولد شارون أيام الانتداب البريطاني على فلسطين العام 1928، وسرعان ما التحق، وهو في سنه اليافع، بأكثر العصابات دموية في التاريخ "الهاغانا". التي لا تعد جرائمها ولا تحصى، وقد تخرج منها معظم قادة الكيان الصهيوني من "بن غوريون" إلى "موشيه دايان" وصولاً إلى "إسحاق رابين"، وشارون كانت له بصمات في القتل والترهيب والتهجير لأبناء شعبنا الفلسطيني، الذين غادروا أرضهم مذعورين من بطشه، إلى الدول العربية المجاورة، وصولاً إلى ارتكاباته العام 1953 في مجزرة قبية، تلك المدينة التي كنت تحت سلطة الأردن، والتي أدت المجزرة فيها إلى تهجير وقتل كل سكانها، على غرار ما حصل في مجازر دير ياسين وغيرها، ولا يزال أحد نواطير زيتون قبية حياً حتى اليوم وقد نجا من المجزرة بأعجوبة، يقول: إن وجه شارون البشع، الذي كان حاضراً ومشرفاً بنفسه على العملية، لا ينسى. يمكن القول إن الحضور العسكري لـ"شارون" كان طاغياً في كل حروب الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين والعرب.
فمن عصابات الهاغانا المجرمة إلى الجيش الاسرائيلي، ثم إلى رئاسة أقذر وأكثر الوحدات الخاصة بالارهاب في جيش الاحتلال، وهي الوحدة 101 التي أُنيط بها تنفيذ كل ما من شأنه، ما اعتبره شارون تعزيزاً لأمن دولة الكيان الصهيوني.
وهذه الوحدة هي المسؤولة، حتى عما كشف مؤخراً، عن قتل وتعذيب الأسرى المصريين في حرب 1967، وعن قتل قيادات فلسطينية خارج الكيان الصهيوني، ثم كانت قيادته لاجتياح لبنان وصولاً إلى العاصمة بيروت العام 1982، وما أدت اليه من نتائج، لاسيما مجزرة صبرا وشاتيلا، حيث قتلت ميليشا كتائبية، مدعومة من شارون نفسه، النساء والأطفال والرجال العزل من كل سلاح، وقد بلغ عدد الضحايا حوالي خمسة آلاف، وقد عدت من اكثر جرائم الحرب فظاعة، مما دفع، حتى بأصوات المعارضة داخل الكيان الصهيوني قبل الخارج، إلى تشكيل لجنة "كاهانا" للتحقيق بالأمر، فاضطر إلى الاستقالة من وزارة الحرب، وكانت النتيجة توجيه تهمة الاهمال وليس الارتكاب، ووضع الأمر في مسؤولية الميليشيا الكتائبية، التي عمدت إلى اجراء تطهير عرقي، كما دعي آنذاك، وكما كشف عنه لاحقاً، مع الاشارة إلى ان بعض الناجين من المجزرة، عمدوا العام 2001 إلى رفع دعوى في المحاكم البلجيكية ضد "شارون"، استناداً إلى قانون يدعى "الاختصاص العالمي" الذي يسمح لها بملاحقة مجرمي الحرب، ولكن المحكمة تعرضت لضغوط كثيرة، من قبل الصهيونية العالمية، أدت إلى تعديل قانونها. وبالرغم من ذلك لم يستطع أحد من تعديل الاتهام إلى "شارون" ومسؤوليته المباشرة عن المجزرة بحق الفلسطينيين.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، وشارون يقول: "جميعنا يجب أن نتحرك، أن نركض وأن نستولي على مزيد من التلال وأن نوسع بعض الأراضي، التي نعيش عليها، فكل ما بين ايدينا لنا، وما ليس بأيدينا يصبح لهم". هذا قول له اعلنه العام 1989 عبر إذاعة جيش الاحتلال، وهذا ما يفسر استفزازه بنفسه الفلسطينيين، واقتحامه باحات المسجد الأقصى العام 2000، حيث أدت خطوته حينها إلى اندلاع انتفاضة الأقصى التي استمرت حوالي نحو أربع سنوات، وقد قدمت حوالي تسعة آلاف شهيد فلسطيني، ناهيك عما حل في مذبحة جنين العام 2002، تلك المجزرة الدموية التي ألهبت العالم بأسره بسبب القتل والسحل والتنكيل عدا تدمير المنازل فوق الأحياء، الذي أدى لاستنكارات كبيرة من منظمات حقوق الانسان في كل العالم، وايضاً كانت المقاومة الضارية التي واجه بها بضعة شباب فلسطينيين جيش الاحتلال الصهيوني، وقاوموه مما جعل من تلك المقاومة أمثولة من البطولة.
هذا القتل الجماعي الذي احترفه "شارون" لم يختلف عنده كثيراً عن الاغتيال المنفرد لقيادات فلسطينية، حتى خارج فلسطين، على غرار ما فعله "ايهود باراك" شريكه في القتل للقيادات الفلسطينية، كمال نجار وكمال ناصر ويوسف عدوان في بيروت. إن الوحدة 101 للعمليات الخاصة التي ترأسها شارون متهمة بقتل الشيخ احمد ياسين أحد مؤسسي حماس، وأيضاً حصار ياسر عرفات في رام الله وربما أيضاً تسميمه، حيث مات بالسم كما تبين.
هذه السيرة الدموية لا تنتهي هنا فإن "شارون" كان أكثر قادة "اسرائيل" اهتماماً بالاستيطان الممنهج من خلال ترؤسه لجنة الاستيطان مع شريكه اسحاق رابين. لقد قاد شارون حركة تعزيز المستوطنات لليهود المستقدمين من أنحاء العالم، يقابل ذلك اقتلاع اكبر عدد من الفلسطينيين عبر اساليب متعددة أبرزها قراره بإنشاء جدار الفصل العازل.
هذا شارون الذي اكتفى البرغوثي بالقول عنه "إنه لم يترك ذكرى جيدة لدى الفلسطينيين"، والذي مات ودفن في ارض احتلها أبوه مع "الاشكيناز" الذين استوطنوا فلسطين.
أما الصهاينة المغتصبون فلسطين فهذا جيلهم يندثر الواحد تلو الآخر، من عصابات "الهاغانا" إلى شتيرن وسواهم.
وإذ تقول إسرائيل على لسان "نتنياهو" عن شارون، أن ذكراه ستعيش في قلب "الأمة اليهودية"، يقول العرب الأحرار فيه، إنه سيبقى قاتلاً ومغتصباً ومجرم حرب، وسيبقى أطفال فلسطين يهتفون فرحين: مات شارون مات السفاح.