في العاشر من تشرين الأول من العام 279 ميلادية استشهد القديس سيرجيوس في مدينة الرصافة الأثرية (55 كم عن الرقة) ليلحق بالقديس باخوس الذي سبقه بساعات بالشهادة. وهما من أوائل شهداء الرقة الذين استشهدوا على أيدي جنود روما الوثنية آنذاك. وبعد أكثر من قرنين على استشهادهما بنيت على ضريحيهما كاتدرائية تعرف باسم كاتدرائية سيرجيوس والتي تعتبر مدرسة في فن العمارة إضافة إلى مكانتها الدينية الرائدة على مستوى العالم. وكل الكنائس والكاتدرائيات والأديرة التي تحمل اسمي سيرجيوس وباخوس أخذت أسماءها من القديسين الرقاويين الشهيدين.
وفي النصف الأول من القرن الثامن الميلادي بنى الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك جامعاً ملاصقاً للكاتدرائية، حيث أصبح الجدار الشمالي قبلة ومحراباً للجامع في تناغم معماري وروحي قل نظيره في العالم.
واعتباراً من العام 2005 شهدت الرصافة احتفالية سنوية في ذكرى استشهاد القديسين وفي العام 2008 أدرجت الاحتفالية ضمن مهرجان طريق الحرير وتمثل الحضور بعدد كبير من أبناء محافظة الرقة والمحافظات السورية الأخرى من مسيحيين ومسلمين وما يقارب 300 صحفي وإعلامي من دول عربية وأجنبية وفي جو من المحبة بين أفراد الأسرة السورية (الاسلامسيحية) بحيث وقف المسلمون والمسيحيون في القداس يرددون خلف نيافة المطران:
أنتما سيرجيوس وباخوس… للشهادة مرشدان
اضرعا للرب دومـــــــــــــا… كي نعيش بأمـــان
ثم انتقل نيافة المطران والقساوسة والمشايخ والوفود وصلوا جميعاً صلاة الغائب في جامع هشام خلف الإمام قارئين "الحمد لله رب العالمين *الرحمن الرحيم *مالك يوم الدين…".
روح المحبة تلك والصلاة المشتركة لم يُشاهد لها مثيل في العالم بحسب كلام الصحافيين والإعلاميين.
واليوم، وقد تكالبت علينا الأمم وباتوا يتشدقون بحماية الطوائف والأقليات تناسوا أن مكونات المشهد السوري عمرها آلاف السنين، وأنهم مهما فعلوا من قبيح أعمالهم سيذهبون ومعهم حقدهم "… فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ".
سيرجيوس وباخوس
100
المقالة السابقة