لقد جرت العادة على التمييز في العالم الإسلامي بين المشرق والمغرب، فالمشرق قام على العرفان حين اختلط العقل اليوناني في جانبه البرهاني مع الموروث القديم كما هو الأمر عند ابن سينا والغزالي والفارابي، وكان هناك منتوج آخر قام على البرهان، خاصة ما نقل من أرسطو كفلسفة يونانية في جانبها البرهاني، كما هو الأمر مع ابن رشد وابن حزم والشاطبي. هذا التمييز بنظر الجابري يعود إلى الفتوحات الإسلامية ويعكس واقعاً تاريخياً وسياسياً وثقافياً، وهكذا فإن المدرستين المغربية والمشرقية هما مظهران أساسيان ومتميزان بل متناقضان في الاتجاه، العقلانية الرشدية "واقعية" والعقلانية السينوية "صوفية"، حيث يكشف الجابري في قراءته لنصوص ابن سينا عن القاعدة الأبستمولوجية والمحتويات الأيديولوجية لهذه النصوص. هذا كله يدفعنا لمقاربة البضع من الأقفال التي أوصدت على الارتقاء بين الذات العربية ومحيطها التكويني: