اللص الذي انتزع هاتفي من بين يدي ليلاً، سرق أيضاً عنواني في الحب.
من يومها أمكث في عزلتي، في منزل أبوابه مشرعة على اللاحب، على تلك الضوضاء الفارغة، على صرير الأبواب المؤلم، على البرد الذي يقشر أحلامي.
أشتاق لغفوة ناعمة، تحررني من شبابيك مخلعة.
كنت أعرف ملامحه جيداً هذا اللص. لطالما شوش علي رحلاتي، وكل مرة ألاحقه، أعانق سواداً… اللص هو الحافة التي دوماً تسرقني وأهوي منها إلى المجهول، هو أسناني المرصعة بالخوف. ليته كان حنوناً، وانتزع مني خوفي، وأعطاني بدله باقة ورود. ليته صفعني وهزني وحررني من هذا الرخام.
الى أين تفضي العزلة؟ إلى كائن آخر يعيش في العزلة ونمضي معاً في مركب واحد؟
أشتاق إلى حوت يبتلع توجسي وجسدي وأناملي الصغيرة. يأخذني معه إلى لجة الأعماق. حوت يجبرني على الاستيقاظ باكراً وعلى اصطياد الأسماك الصغيرة كل يوم.
عندها أتحرر من ضفائري المترددة. من قالب الحلوى الذي يأكل من جلدي، ويجبرني على أن أحصي سنواتي على شموعه المنطفئة. أتحرر من بسمة ماكرة أقدمها خدعة للغرباء، ومن عطر أرشه على جسدي، اعتقاداً مني أنه ينكّه أيامي. أعود نملة صغيرة كل همها حماية معقلها من زلزال قوي يزورها كل ثلاث سنوات.
نبذة عن زهرة مروّه:
شاعرة لبنانية من مواليد صيدا. تعمل في الصحافة الثقافية وتكتب في جرائد مثل السفير والنهار والحياة. حاصلة على ماجيستير من الجامعة اليسوعية. ترجمت قصائد لشعراء كبار من الفرنسية إلى العربية.
مؤلفاتها:
صدر لها ثلاث مجموعات شعرية: "جنة جاهزة" والإقامة في التمهيد" و"الحياة على دفعات".