بداية، من نحن؟
نحن مواطنات ومواطنون من العامة نعمل على خلاص لبنان من الحروب والصراعات الطائفية، ومن الأزمات الاجتماعية والمعيشية، وفي سائر مجالات الحياة التي يسببها النظام الطائفي، وتتحمل الطبقة السياسية الحاكمة بأجنحتها كافة المسؤولية الرئيسية عنها.
نحن نرى أن خلاص لبنان يكون بإقامة الدولة الديمقراطية العلمانية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين المرأة والرجل، دولة الوحدة الوطنية والاندماج الاجتماعي بين اللبنانيين والسلم الأهلي الدائم، والقادرة على حماية حدودها برّاً وبحراً وجوّاً.
دولة الاقتصاد الحديث القائم على تطوير وتنمية الإنتاج الصناعي والزراعي، والتكنولوجيا والخدمات العصرية وتأمين فرص العمل وحق السكن.
دولة حرية الرأي والمعتقد والإبداع والتعبير والإعلام الحر، دولة القانون والمؤسسات والقضاء الفاعل النزيه والمستقل، دولة العصرنة والحداثة والتعليم الإلزامي المجاني والضمانات الصحية والاجتماعية.
نحن لبنانيات ولبنانيون من العامة، تحرّرت الأنفس لدينا من الطائفية وسائر العصبيات، واخترنا أن يكون انتماؤنا إلى لبنان أولاً وأخيراً مشروع وطن لم ينجزه اللبنانيون بعد.
النقطة الأولى:
العلمانية بإيجاز
مسار تطور اجتماعي- أي مرحلة في التطور الاجتماعي للبشرية- دخلته أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا بداية، وكوّن بفصله بين الروحي والزمني، نُظماً عامة للحياة المشتركة بين البشر، لا تميّز الناس حسب أديانهم ومعتقداتهم الفكرية والدينية والفلسفية، وترتكز إلى مركزية الإنسان في الحياة باعتباره قيمة وفرداً حرّاً يتساوى مع كل آخر يختلف عنه ومعه في الدين والمعتقد الفلسفي وفي الفكر ويحترم معتقده، ومع كل آخر يؤمن بالمعتقدات ذاتها من ناحية، وتقوم هذه النظم من ناحية أخرى على:
ــ حياد الدولة تجاه الأديان والعقائد الفكرية والفلسفية وحيادها تجاه جميع الجماعات التي تعتقد بها، وذلك يعني أن لا دين للدولة وأنها لا تفضل جماعة أو طائفة دينية معيّنة على بقية الجماعات الدينية الأخرى في الدولة (الفصل بين الدين والدولة- الدين والمعتقد خاص بالفرد والجماعة التي تؤمن به والدولة للجميع).
ــ احترام الدولة لجميع الجماعات الدينية وحمايتها وتمكينها من ممارسة شعائر معتقدها كما واحترام جميع الاتجاهات الفكرية والفلسفية، ضمن إطار الحفاظ على النظام العام للحياة المشتركة بين جميع المواطنين والجماعات في المجتمع.
ــ الفصل بين السلطة الروحية (المؤسسة الدينية) والسلطة الزمنية – الدولة- والفصل بين السلطة الروحية والسياسية. وذلك يعني أنه لا يحق للمؤسسة الدينية أن تتدخل في السياسة، ولكن يحقّ لرجل الدين كفرد ومواطن أن يعمل في السياسة- لا يحق له أن ينطق باسم الدين في الشأن السياسي، بل ينطق باسمه الشخصي كفرد ومواطن.
العلمنة في لبنان:
• مسيرة تطور اجتماعي لم يدخله المجتمع اللبناني بعد، وتنشد إزالة نظام الحياة الطائفي الذي أسّس منذ تقسيم الإمارة الشهابية إلى قائمقاميتين: درزية ومسيحية، وحجز تطور البلد وحال دون دخوله مساراً يفضي إلى تكوين اللبناني، مواطناً حرّاً بحيث يساوي كل مواطن (في الوعي والنظرة الاجتماعية) بين ذاته والآخر من غير طائفته من ناحية، وإلى بلوغ مستوى من الاندماج الوطني والاجتماعي بين الأفراد والجماعات اللبنانية يتحقق معه كون اللبنانيين شعباً موحدّاً، من ناحية ثانية.
• تهدف العلمنة إلى بناء نظام حياة حديثاً مشتركاً وجديداً لجميع اللبنانيين يرتكز إلى مواطنة تنبذ التعصّب والحقد الطائفيّين وتعتبر أن الانتماء اللبناني يجب أن يكون أساساً إلى لبنان الوطن والشعب الواحد أولاً، وتساوي بين جميع المواطنين على اختلاف أديانهم وأفكارهم ومعتقداتهم الفلسفية ثانياً، وتحقق اندماجهم أفراداً أو جماعات في شعب موحّد يحترم كلّ فرد منه الآخر ومعتقداته سواء كان هذا الآخر فرداً أم جماعة.
• الدولة الديمقراطية العلمانية التي نطمح إليها ترتكز إلى الإنسان كقيمة بحدّ ذاته. إنها دولة حيادية في علاقتها بالأديان المختلفة وبالتالي عليها أن تعامل على قدم المساواة جميع المواطنين المنتمين إليها، وحتى أولئك الذين لا ينتمون إلى أيّ دين أو طائفة.
• إذ ترتكز العلمنة إلى مركزية الإنسان في الحياة باعتباره قيمة وفرداً حرّاً يتساوى مع كل آخر، إن تكوّن اللبناني مواطناً وفرداً حراً هو أساس بناء علمنة لبنانية تضمن حرية الضمير المنجدلة مع حرية التعبير عن الرأي والمعتقد أساساً لكل حرية إنسانية.
إن المجتمع الجديد الذي نتطلع إلى بنائه يتكوّن من أفراد أحرار يستقلّ كل منهم عن كل سلطة أو طائفية أو معتقد، قناعته ومسيرته في الحياة خيار شخصي حرّ وفق ضميره. فالإنسان حرّ في أن يؤمن أو لا يؤمن، وأن يمارس إيمانه على حدة أو بالاشتراك مع جماعة، بشكل علني أو على انفراد، وبأن يغير دينه بحسب ضميره وقناعته وحكم عقله، ولا يمكن أن يكون الفرد ملكاً لأيّ عقيدة أو مذهب أو طائفة أو دين أو قيادة سياسية أو زعيم سياسي أو جماعة معينة. الإنسان ملك نفسه ولا قيد ولا سلطة على خياره أو حياته غير سلطة القانون الوضعي والنظام العام.
• الدولة الديمقراطية العلمانية تضمن للفرد أو للجماعة حرية الضمير كما حرية التعبير عن الرأي والمعتقد وتحرره من كلّ قيد مالي أو سلطوي أو اجتماعي ومن كل ضابط عقائدي أو طائفي.
• إن العلمنة في لبنان تفصل ما بين العام (وضمنه السياسة والدولة). والطائفيات السياسية اللبنانية، وتفصل بين المواطن والطائفية (وليس الطائفة كمذهب ديني) في جميع الشؤون الزمنية والحياتية المشتركة بين جميع المواطنين بحيث تنحصر علاقة المواطن بطائفته في الإطار الروحي والديني الصرف، وبهذا المعنى فإنّ العلمنة تحرر الدين من كلّ استغلال لأغراض ومصالح سياسية أو طبقية أو شخصية.
• إن الدولة الديمقراطية العلمانية تقوم أيضاً على مبدأ المواطنة بحيث يتساوى كل اللبنانيين في ما بينهم بغضّ النظر عن انتماءاتهم الدينية والثقافية والعرقية واللغوية والقومية والمناطقية، كما تقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية بهدف إحقاق الفرص المتكافئة لكلّ مواطن لبناني للحصول على حياة كريمة من خلال ضمان الحق المتساوي بالعلم والعمل وبالتحصيل الأكاديمي أو الفني، وحقّ كل مواطن بالسكن والضمان الاجتماعي والضمان الصحي وضمان الشيخوخة بشكل كامل والحق بدخل يعادل الحد الأدنى لكلفة المعيشة.
• تناضل الديمقراطية العلمانية في لبنان من أجل إسقاط النظام الطائفي اللبناني ورموزه، وهو نظام حروب وصراعات طائفية تتناسل إلى ما لا نهاية، ويقوم على إلغاء المواطنة والإنسان فينا، واستلاب العقل عندنا، ويحولنا إلى طائفيين متعصبين نتصارع ونتقاتل بوسائل وحشية، ونتكاذب في ما بيننا في فترات السلم الأهلي.
إن نظام الحياة الديمقراطي العلماني يلغي الطائفية من حياتنا إلى الأبد، وينهي معها حروبها، ويبعث في اللبناني إنسانيته ومواطنته، ويحقق الاندماج الوطني والاجتماعي بين اللبنانيين في إطار مسار يقودنا إلى بناء شعب لبناني موحّد ومواطنة لبنانية ووطن ووحدة وطنية لبنانية حقيقية.
النقطة الثانية
هل العلمانية كافية لتغيير النظام الطائفي؟
–
العلمانية كما نفهم وننشد هي النقيض للنظام الطائفي اللبناني، فمن البديهي أن تحققها كاملة يكون بزوال النظام الطائفي في البلد إلى الأبد، ونقصد، تحققها في جميع مجالات الحياة اللبنانية المشتركة: السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية والاقتصادية والرياضية… إلخ. وخلافاً للنظام الطائفي اللبناني الذي يقوم على إلغاء المواطن الحر واختزال كل طائفية للأفراد وتحويلهم إلى رعايا، وتأبيد الانقسام والفرقة بين اللبنانيين، ويحجز تطور المجتمعات الأهلية الطائفية ويحول دون اندماجها وتحولها إلى مواطنين وشعب موحد، فإنّ العلمنة، النقيض لهذا النظام الطائفي، تحقّق الاندماج الوطني- الاجتماعي بين اللبنانيين وتنتقل بهم نحو إنجاز تكونهم مواطنين أحراراً وشعباً يتوحّد في وطن على قاعدة الانتماء لهوية وطنية لبنانية جامعة من دون الحاجة إلى توسط أية طائفية. بهذا المعنى نعم إن تحقق العلمنة كاملة يلغي من حياتنا النظام الطائفي إلى الأبد.
النقطة الثالثة
– ما سبب عدم توحّد العلمانيين في لبنان؟
بداية، من هم العلمانيون حقيقة؟ نحن إزاء إشكاليات عديدة أبرزها:
1. إشكالية أولى: بين العلمانية والمدنية:
حيث تتمظهر هذه بمجموعات عديدة وأحزاب تنسب نفسها إلى المدنية مع رفض اعتماد مصطلح العلمانية في التعريف عن نفسها وبرنامجها.
2. إشكالية ثانية:
تتعلق بالارتباك الذي يشهده البعض ويتمظهر بتردّد وعدم الحسم والحجة أن الجماهير تعتبر العلمانية ضد الدين.
3. إشكالية ثالثة: قلّة عدد الجمعيات التي تعلن انتماءها إلى خيار العلمانية مع وجود أندية جامعية علمانية ولكن ينحصر عملها في الإطار الجامعي هذا من جهة. ومن جهة ثانية نرى أن السبب الرئيسي لعدم توحّد العلمانيين في لبنان يعود إلى واقع أن العمل العلماني ما يزال في طور جنيني حتى الآن، نشأته حديثة، ولم يرتقِ بعد إلى مستوى العمل الحزبي (للتذكير: انطلاقته كانت في عام 2010 ومع أول مظاهرة علمانية في تاريخ لبنان). إن مثل هذا الارتقاء شرط ضروري، ذلك أن وجود حزب علماني أو أكثر يشكّل حالة استقطاب يمكن أن تفضي إلى توحيد العلمانيين في إطار جبهوي على قاعدة برنامج نضال مشترك. إن تطوير العمل العلماني باتجاه تجاوز الحلقية والشللية ذات الطبيعة الفئوية الحادة في التنظيم هو السبيل إلى بناء منظمات علمانية حزبية تتجه نحو الوحدة. وبمعنى آخر، إن الشرط الضروري لتحقيق وحدة العلمانيين هو النجاح في العبور من حالة تبعثر المجموعات الصغيرة وتجاذباتها إلى بناء منظمات حزبية وازنة وفاعلة على قاعدة من الوضوح الفكري والسياسي والبرنامجي.
النقطة الرابعة
– ما هي العوائق والصعوبات التي يعاني منها العلمانيون في لبنان؟
هذه كثيرة، والأهم في الموضوعي منها، سيادة ثقافة البنى الاجتماعية الطائفية-القبلية المتخلّفة والمهيمنة على العقل والوعي لدى أكثرية اللبنانيين صغاراً وشباباً وكباراً، وهذه تشبه الثقافة الأكثر رجعية وتخلفاً وانغلاقاً والتي سادت زمن القرون الوسطى والحروب الدينية وفي ممالك الاستبداد المطلق في أوروبا والسلطنة العثمانية.
الأخطر في هذه الثقافة، وهي ثقافة شعبية، أنها تعطل العقل لدى الإنسان، فتحوله إلى شخص مبرمج يتوقف عن التفكير ويحيل أمر تفكيره إلى زعماء الطوائف وأمرائها ونخبة من رجال الدين، يتولى هؤلاء شؤون التفكير في كل شيء عن أكثرية اللبنانيين، ويقرر الزعماء والأمراء عنا في جميع الشؤون المتعلقة بحياتنا وخاصة في تلك المصيرية. أما في الذاتي فلقد تناولت في النقطة السابقة الأهم في المعوقات والصعوبات التي تتعلق بالوضع الذاتي للعمل العلماني في لبنان.
النقطة الخامسة
– برأيكم كيف يجب أن تعمل الحركات والجمعيات العلمانية لتحقيق أهدافها؟ وما السبيل لتحقيق دولة علمانية في لبنان؟
نسجل بداية أن شرط تحقق العلمنة في لبنان هو انحياز أكثرية اللبنانيين لهذا الخيار. فالتغيير لا يصنعه حزب أو جبهة أحزاب فقط، بل تصنعه أكثرية كبيرة من الشعب. هذا يعني أنه إذا لم ينجح العمل العلماني في استقطاب أكثرية وازنة لهذا الخيار وبناء حركة شعبية جديدة وناشطة ومناضلة في هذا السبيل من مادة هذه الأكثرية، يستحيل انتقال البلد إلى نظام ديمقراطي علماني. إن ذلك يطرح مهمة تأسيس وبناء حركة شعبية جديدة لتدق أبواب التغيير الديمقراطي العلماني كأولوية راهنة.
لقد ثبت في تجارب العصر الحديث أن تأسيس حركة شعبية جديدة للتغيير هو نتاج عمل حزبي أو جبهة أحزاب نضال في هذا السبيل (مع وعي دور العنصر الموضوعي). والمفارقة القائمة في واقعنا الراهن، أن مثل حزب كهذا أو جبهة أحزاب علمانية لم تتأسس بعد في البلد. (وجود الحزب الشيوعي اللبناني على أهميته وتاريخه، دوره لا يكفي – هذا موضوع نقاش آخر). كما ذكرنا سابقاً، العمل العلماني في لبنان ما يزال في طور جنيني ولم يرتق إلى مستوى العمل الحزبي بعد. فالعفوية والتجريبية والتجاذبات الفئوية هي التي تحكم نشاط وممارسة أكثرية المجموعات ويستحيل تأسيس وبناء حركة نضال شعبي جديدة بعمل مجموعات صغيرة غير موحدة ومبعثرة وغير قابلة للارتقاء في عملها نحو البناء التنظيمي القابل للنمو على قاعدة من الوضوح الفكري والسياسي والبرنامجي والقدر الضروري من الانتظام والانضباط والتماسك الحزبي. لذلك، نحن في"التجمع" نرى أن البدء في عمل العلمانيين في لبنان يكون بتأسيس وبناء منظمات حزبية ديمقراطية علمانية تتوحد في إطار جبهوي مشترك.
أنتقل إلى السؤال الثاني في هذه النقطة لأقول، إن تحقق الدولة الديمقراطية العلمانية في لبنان هو نتاج عملية صراعية مع النظام الطائفي اللبناني. ونرجّح أن تكون هذه متدرجة ومديدة. بمعنى آخر، نرجّح أن لا يتحقق الانتقال إلى العلمنة الكاملة في البلد بعملية ثورية سريعة وأن تنجز دفعة واحدة. وقد يشهد انتقال البلد إلى العلمنة المرور بحقبات تحصل فيها ازدواجية في نظامه تجمع بين العلمنة والطائفية. لا نستطيع أن نجزم من الآن، فالمسار الصراعي قد يطول، وأشكال ووسائل الانتقال إلى الدولة الديمقراطية العلمانية تتحدد في إطار تطورات العملية الصراعية نفسها بين قوى العلمنة وقوى الطائفية في البلد.
من جهتنا نحن نتوخى سبل الانتقال السلمي الديمقراطي إلى العلمانية في البلد. لكن هذا الأمر لا يتوقف على رغبتنا نحن فقط، بل يحدده في الغالب النهج الذي ستعتمده الطبقة السياسية المسيطرة متحدة في العملية الصراعية في ما بيننا. وهذه الطبقة تتوحّد دائماً بكل أجنحتها الطائفية، وخاصة في مواجهة التحركات الشعبية وقوى التغيير الديمقراطي على الرغم من انقساماتها وصراعاتها والأمثلة كثيرة.
والسؤال هو، هل ستلجأ الطبقة السياسية المسيطرة وقواها الطائفية إلى منع عملية الانتقال السلمي بالقوة، وذلك عندما يرجح ميزان الانحياز الشعبي لصالح التغيير الديمقراطي العلماني؟
هذا ما نقصد عندما نقول أن النهج الذي ستعتمده الطبقة السياسية وأحزابها الطائفية يحدد إلى حد كبير سبل الانتقال إلى العلمانية في البلد. وهذه السبل لا تقررها الأحزاب العلمانية لوحدها أيضاً، وبقدر ما يتدخل المزاج الجماهيري في تلك اللحظة، ليحسم في اختيار السبيل الذي ستلجأ إليه الحركة الشعبية في مسيرة العملية الصراعية بين العلمنة والطائفية.
أختم، في البدء، الذي هو الآن، علينا أن ننجز الراهن وهذا سيستغرق بضع سنوات. والراهن الآن هو التأسيس والعمل على بناء حزب علماني جديد أو أكثر مبني على قاعدة وضوح فكري وسياسي وبرنامجي كما ذكرت، والعمل على نشر ثقافة الديمقراطية والعلمنة مهمة دائمة يتواصل القيام بها في جميع الحقبات.
الخلاصة:
العلمنة التي ننشد في لبنان تعريفاً هي:
نظام حياة مواطنة ديمقراطية يساوي بين اللبنانيين على اختلاف معتقداتهم ويلغي الطائفية من حياتهم إلى الأبد، ويفصل بين المواطن كفرد حر والطائفية ولا يفصله عن الطائفة كجماعة تؤمن بمذهب ديني، ويفصل بين الدولة والطائفية، ويقوم على حياد الدولة تجاه المعتقدات الدينية والفلسفية والفكرية كافة وحيادها تجاه الجماعات التي تعتقد بها، واحترام الجماعات الدينية وحمايتها وتمكين كل جماعة من ممارسة شعائر معتقداتها، كما واحترام جميع الاتجاهات الفلسفية والفكرية.
وفي تعريف العلمنة التي ننشد تحقيقها في لبنان نشدد على المضمون الديمقراطي لها مقابل نماذج علمنة استبدادية غير ديمقراطية متحقّقة في عدد من البلدان.
ما هي السبل والوسائل لتطبيقها؟
في الانتقال من النظام الطائفي إلى النظام العلماني سنعتمد السبل والوسائل الديمقراطية السلمية غير القمعية ومن دون جير أو فرض، إذ أن استعمال القوة والقمع في تحقيق هذا الانتقال يؤدي بالبلد إلى بناء نظام علمنة استبدادية، مع لحظ أن هذه المسألة ليست مطروحة على جدول العمل العلماني الآن، إذ لا يزال هذا العمل في طوره التأسيسي وبالتالي فإن الأولوية الآن للمسائل المتعلقة بمهام تأسيسية.