في مطلع اتفاقية اليونسكو للعام 1970 المتعلقة بـِ "حظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة" تؤكد الدول المصادقة على أن الممتلكات الثقافية تشكل عنصراً من العناصر الأساسية للحضارة وللثقافة الوطنية. ويتعيّن على كل دولة احترام تراثها الثقافي والتراث الثقافي لجميع الأمم الأخرى. بالإضافة الى التشديد على أن نقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة هي من الأسباب الرئيسية لإفقار التراث الثقافي في المواطن الأصلية لهذه الممتلكات.
وما نجتمع من أجله اليوم ما هو إلا تطبيق هذا المفهوم عملياً من خلال استرجاع ما سُلِبَ في الماضي من تراث ثقافة أرض فلسطين.
لكن من أجل فهم ما حدث اي نهب تلك الممتلكات الثقافية من الأراضي الفلسطينية ولماذا حدث ذلك يجب أن نغوص في موضوع خطير وهو استعمال التاريخ والآثار والتراث في القضايا الإيديولوجية والسياسية الحاضرة. هنا لا بد لنا من أن نستعرض ما يُسمّى بالأرخيولوجيا التوراتية التي تحاول أن تجد في الآثار والأطلال المكتشفة في أرض الواقع تأكيداً وتأويلاً لأحداث حصلت في الماضي … هذا وإن حصلت …
أما الأخطر في كل ذلك هو العلاقة مع الآخر التي تفرضها هذه المقاربة الإيديولوجية للتاريخ والآثار… وبالتالي رفض هذا الآخر ورفض حقه في الوجود على تلك البقعة من الأرض والضرب بعرض الحائط هويته وتاريخه…
وهنا يتجسّد الصراع في عناصره الأساسية ويصبح البحث عن السلف الغابر عملية، ليس فقط إيديولوجية إنما عملية تدميرية ممنهجة على الصُعُد العلمية والعملية كافة… وهذا يُتَرجَم بالبحث عن مخلفات أسلاف الآخر من أجل تحويرها أو سلبها وتدميرها وتدمير كل ما خلفه هذا السلف من ثقافة مادية في محاولة محو حقه بالوجود على هذه البقعة من الأرض…
وهذا العمل معروف في علم الاجتماع السياسي بإسم … Past Mastering … أو "التحكم بالرواية التاريخية ومخلفاتها المادية". وهذا ما رأيناه يحدث بعد الحرب العالمية الثانية حيث كان يتم محو كل ما يتعلق بالجرمانية وذيولها الحديثة، وكأنهم بذلك يمحون تلك الفترة من تاريخ أوروبا المعاصر وذاكرة شعوبها.
في ظل كل ما ذكرناه، إن اجتماعنا اليوم ما هو إلا اصرارنا على أهمية… بل ضرورة … احترام حق الآخر بالوجود والتعبير عن هذا الوجود بالوسائل الثقافية والاجتماعية والحضارية كافة
ومن خلال هذا العمل التي تقوم به مؤسسة سعاده ومن خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص أي بين هذه المؤسسة ووزارة الثقافة تم تطبيق مفاعيل اتفاقية اليونسكو للعام 1970، بحيث ان وزارة الثقافة قد سمحت بإدخال القطع الأثرية التي تمّ شراؤها من دار المزاد العلني في الولايات المتحدة الأميركية والتي تم تصديرها وفقاً للأصول مع الأوراق الرسمية اللازمة، مع العلم بأنها كانت قد سلبت قبل ذلك من أرضٍ فلسطينية… ولذلك تمّ الاتفاق بوضوح بين مؤسسة سعاده ووزارة الثقافة على وجوب إعادة تلك القطع الأثرية المسلوبة والمستعادة من قبلهم مشكورين الى أصحابها الشرعيين في المستقبل الذي نرجوه قريباً.
وبذلك تكون وزارة الثقافة وبمساعدة القيمين على مؤسسة سعاده قد طبقت جوهر وروحية اتفاقية اليونسكو للعام 1970 والتي تنص على احترام حق الآخر بالوجود والمحافظة على تراثه وثقافته وتاريخه.