وداوِها بالتي كانت هي الداء… هكذا قال الحسن بن هاني منذ العصر العباسي لتاريخ هذه الامة والذي شهد ازدهارا وانحطاطا وغزوا ، عبروا على هامات رجاله جحافل الهمج من مغول وتتر بعناوين ثقافية ومعايير ازدواجية ترجمة الى احراق اضخم مكتبة عربية وقتل العلماء والحرائر والاطفال …
واليوم تتمدد الاحلام الداعشية بين سوريا والعراق لصنع خلافة وامارة وولايات ومسميات معاصرة، منها محلية المسمى ومنها مستوردة من بلاد الماسونية والتصهين ينصّب عليهم "أمير مؤمنين" بالبيعة القسرية تحت حد السيف وثقافة الذبح وإقصاء الآخر من اي اقلية .
تقول الرواية: ان التشكيل الجيوسياسي للولايات المتحدة الاميركية يرجع الى ما قبل القرن الثامن عشر حيث الغزو الاوروبي لأرض العالم الجديد والذي عمّم عنصرية وروحاً سلطوية قضت ان تفني شعوب المنطقة الاصلية من هنود حمر وطرد بقيتهم الى محميات معزولة.
واشنطن هي عاصمة المذابح الجماعية وقبل ذلك كانت مدينة هندية حمراء (نكان شتنكه) تعم أرجاءها المحبة والاخاء والتجارة والازدهار قبل ان يبني جورج واشنطن عاصمته على انقاضها، بحر من الدم يسري تحتها وجماجم مؤلفة شيدت عليها، الصهيونية المسيحية التي أنشأت أميركا، هي أم الصهيونية اليهودية التي أنشأت إسرائيل. وهي كذلك أم الصهيونيَّة (الإسلامية) التي بدأت تتشكّل لتعترف وتتعاون وتتحالف مع إسرائيل، بدلاً من العمل على إزالتها من الخارطة وتحرير فلسطين وتطهير الأرض المقدسة المباركة من رجس الصهاينة وبناء دولة فلسطين على أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، لذلك تبارك واشنطن مذابح غزَّة وغيرها. لأنّ الفلسطينيين بنظرها هم هنود حمر الشرق الأوسط. وتجب إبادتهم ويجب تغييبهم ودفنهم واقصاؤهم حتى يكتمل الحلم الاسرائيلي الكبير.
الم تُبنَ العاصمة الأميركية واشنطن و(البيت الأبيض) و(قبَّة الكونجرس) و(البنتاغون) أي (المبني الخماسي) وهو مبنى وزارة الدفاع، على أنقاض مدينة (نكان شتنكه)، وعلى عظام وجثث شعب (كونوي)، الذي تمَّت إبادته العام 1623م.
أرض مريم العذراء اطلالة على نهر بوتوماك، حيث مركز كيندي الثقافي ومبنى (ووترغيت) ومبنى الكونجرس ومنطقة روزلين الجميلة وبيوت الأغنياء وجنرالات البنتاغون الذين (يعولمون) المذابح الجماعية، أي الذين يؤدون دورهم الصهيوني المسيحي بالتعاون مع الدور الصهيوني الاسلامي في (عولمة) الإبادة الجماعية. وذلك براً وبحراً وجواً، بكلّ أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الذريّة.
الصورة الحقيقية لبناة هذه المدينة المجمجمة الاسرائيلية الداعشية الشيطانية تتجسد باستبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة واغتيال حضارات علّمت البشرية فن الحياة والعيش والحضارة.
إن حضارة أمريكا المعاصرة موصولة بحضارتها القديمة، بعصر إبادة الهنود الحمر وعشرة ملايين إفريقي زنجي وإبادة مليوني فيتنامي، ثم إبادة ثلاثة ملايين إنسان في العراق وأفغانستان.
ولذلك ليس من المستغرب ما تصنعه من سياسات ارهابية وصنع مجموعات ارهابية هنا وهناك عنوانها القتل والفتك والدمار لقد اوجدت طالبان في باكستان (الملا عمر) واوجدت تنظيم القاعدة (اسامة بن لادن) وتخادع اليوم مرة اخرى في صنعها ودعمها لتشكيلات مرتزقة بمسميات اسلامية دولة العراق والشام (داعش) (ابو بكر البغدادي) بهدف إضعاف شعوب هذه المنطقة واستنزاف خيراتها وبسط خيوطها العنكبوتية على منابع الثروات ومقدرات الشعوب .
ولكنها أخطأت الهدف في تحديد الزمان والمكان ولم تنجح استخباراتها العالمية في دراسة كافية لكرامة تلك المنطقة الممتدة بين سوريا والعراق ونفوس أبنائها وستكتشف ان داعش هذه ليست سوى فقاعات من الصابون المنتهي الى زوال من دون اثر.
ان صمود المؤسسة العسكرية في سوريا والعراق وإدراكها للخطر الصهيو -اميركي المحدق بالمنطقة المموّل من دول البترول سيقدم للعالم استراتيجية جديدة في الصمود والتحدي.
حسناً ما فعلتم يا داعش فقد أزلتم بفعلكم الهمجي المبني على طموحات خيالية في انشاء خلافة اسلامية اسرائيلية الحواجز والحدود المرسومة سايكوبيكوياً بفعل إدارات بريطانية لتكونوا فقاعات متلاشية ويبقى اصحاب الارض والعرض صوناً لتلك الديار وحماة ترابها.
وصدق قوله تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُون)، وفي قوله: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون).
باحث في الشؤون السياسية
حسناً فعلتم يا داعش
116
المقالة السابقة