تتوخى هذه الأملية الإحاطة الإجمالية بالتحولات التي أطلقتها اتفاقية سايكس– بيكو على الجغرافيا العربية المشرقية سحابة مائة عام مضت. كما تولي عناية خاصة بالآثار المترتبة عليها، وخصوصاً لجهة النظر إلى وعد بلفور (1917) بما هو مبتدأ الخطب الجلل الذي سيصيب المنطقة العربية من القلب في منتصف القرن العشرين المنصرم. ولقد كان عليّ -تبعاً لذلك- أن أقارب مضامين وأبعاد الاتفاقية من وجهين متلازمين: أولاً، بوصفها حادثاً تاريخياً فتح على زمن وخَتَمَ على آخر، وثانياً، بوصفها أطروحة مؤسِّسة لثقافة سياسية حكمت وعي نخب المشرق العربي وجماهيره على امتداد أجيال متعاقبة.
1 – من جهة كونها حادثاً تاريخياً شكلت منظومة سايكس– بيكو لحظة انتقال تاريخي من حيِّز ما اصطلح عليه بالوطن الإسلامي تحت رعاية الدولة العثمانية المترامية الأطراف، إلى حيِّز مغاير أملته رغبات ومصالح إمبرياليات الحداثة الصاعدة في الغرب. كانت الحصيلة أن جرى تحويل الوطن الواحد إلى رهطٍ من الأوطان، وصارت الحدود فيما بينها أشبه بـ"جُدُر مقدسة"، أطلقت منازعات وحروباً وفتناً لا تني تداعياتها تعصف بتلك الأوطان من كل جانب.
2- أما من جهة كونها أطروحة في الثقافة السياسية التاريخية، فقد أنشأت سايكس- بيكو حقلاً خصباً لولادة الأسئلة الكبرى حول ماهية وهوية وثقافات الدول الناشئة ومستقبل شعوبها.
في كلا هذين الوجهين المتلازمين نجدنا أمام هندسة جيو- استراتيجية وثقافية تشاركت في صياغتها فرنسا وبريطانيا لتفتتحا معاً تاريخاً مفارقاً في شبه القارة العربية– الإسلامية. أما خلاصة هذه الهندسة، فسنجدها في الصورة الإسرائيلية كوليد غير طبيعي في الفيزياء الطبيعية للمشرق العربي، وبالأخص كتمثيل بيِّن للوعد الإمبريالي بوطن قومي يهودي على أرض فلسطين.
لكن ماذا لو استقرأنا مآلات الوعد الامبريالي المشار إليه كما يبدو في حاضر المنطقة ومقبلها المنظور؟
1-الجيوبوليتيك العربي في مقام التوصيف
صورة الجيوبوليتيك العربي– الإسلامي اليوم، ولاسيما في ناحيته المشرقية هي امتداد للصورة الأصلية قبل مائة عام. فإنها لا تفارقها إلا في تقنيات الظهور والتظهير.
قد يقول قائل إن توصيفاً كهذا قد ينقل إلى الأذهان انطباعاً مؤداه: أن تبديلاً جوهرياً فيما انعقدت عليه هندسة سايكس– بيكو بات لا وجوب له ما دام كل حدث يجري الآن لا يناقض الحادث المؤسس ولا ينفيه. ولكن، قد يكون لهذا التوصيف حظ من الصواب لو انتأينا قليلاً من زحام التحولات الذي يطوي المنطقة تحت أجنحته الدموية منذ العام 2011. حالئذ سوف يظهر لنا وصلٌ جوهريٌ بين منطق سايكس- بيكو في بدايات القرن العشرين، وما ينبني عليه المشهد المتمادي في مستهل القرن الحادي والعشرين. فالحاصل هو أدنى إلى الاستئناف المتجدد لهذا المنطق. حتى الجيولوجيا السياسية الأمنية التي تعصف بالمنطقة منذ نحو ست سنين لا تخرج عن الفضاء الممتد لمنطق سايكس- بيكو. فما عُرف بربيع العرب كان أدنى إلى ثورات وثورات مضادة، وحروب أهلية تغذيها محاور إقليمية ودولية.. وكل ذلك يجري في منازل الجيوبوليتيك العربي على نحوين متوازيين:
النحو الأول: اضطراب في التحول الداخلي، أدى إلى وضع الجيوبوليتيك السياسي والاجتماعي العربي أمام حدّين سالبين: حدّ الاستغراق في الفوضى والعنف.. وحدّ المصادرة والاحتواء. وهو ما ألفيناه جلياً في اختبارات مصر وتونس واليمن وليبيا، فضلاً عن سوريا ولو بوقائع وصور متباينة.
النحو الثاني: احتدام في فضاء الإقليم، بلغ ذروته مع ترتيبات دولية مستأنفة، غايتها إعادة تشكيل مظلّة أمنية إستراتيجية، تغطي شبه القارة الشرق أوسطية، وتركز بصفة خاصة على البلدان العربية المحيطة بالدولة اليهودية في فلسطين. وما كان تدمير سوريا ودفعها باتجاه التفتّت والتآكل سوى التمثيل الأشد قسوة لنظرية الفوضى التي لا تفارق جيوبوليتيك سايكس– بيكو روحاً وشكلاً.
بين هذين النحوين، ستظهر إرهاصات زمن رمادي من علاماته الفارقة، عسر الولادة الطبيعية لربيع ثوري عربي، يملك حظَّ الاستقلال عن المداخلات الجيوبوليتيكية والتحرّر من مؤثراتها.
لو كان لنا من رؤية وصفية إجماليّة لمحركات الثقافة السياسية العربية بعد مائة عام على سايكس- بيكو، لوجدنا ما يشهد على تواصل وطيد مع الحدث التأسيسي الكبير في العام 1916، تحضرنا اليوم ثلاثة سياقات يسابق الفاعلون فيها بعضهم بعضاً، وكلّ فاعل، يبدو محمولاً على شغف المشاركة في صناعة حقائق الزمن الجديد:
الأول: سياق الاستتباع، ويقوم على الرضى بتوقيعات الموجة النيوليبرالية المتمادية، مع ما يُفترض بالمنخرطين في هذا السياق من قبول بمشروعية الدولة اليهودية، وهي تقطع آخر أطوارها في رحلة الاستيلاء على فلسطين، وتبديل هويتها الأصلية.
الثاني: سياق التضحية والمواجهة، وهو سياق ينبغي أن يُقرأ انطلاقاً مما ظهر من اختبارات المقاومة المعاصرة في فلسطين ولبنان، أي النظر إليها كمنظومة كفاحِيّة ونهضويّة وأخلاقيّة، على الرغم مما طرأ على هذه القراءة من نصوص وخطب قلبت الرؤية في بعض الأحيان رأساً على عقب، وعليه فإن هذا السياق هو سياق بديهي وواقعي ما دامت المواجهات مع الأطروحة الإسرائيلية سارية في أزمنة المنطقة.
الثالثة سياق التغيير الملتبس، وهو ما وجد صورته فيما سمي اشتباهاً بـ"ربيع العرب"، ويجري نحو ما جرت وقائعه في ظل حالة رمادية تغشى الوضع العربي المضطرب وتطبعه بطبائعها. وهو سياقٌ يكشف عن نفسه في الغالب الأعم، بقول سياسي إجمالي قوامه، الرغبة المحمومة في تغيير أنظمة الحكم.
من مفارقات هذا السياق أنه يبدو خُلواً من الأبنية الفكرية التي كنّا ألِفناها في الثورات الوطنية والاشتراكية والدينية المُنصرمة. وفي الآن عينه، يفتقر إلى إستراتيجيات واضحة المعالم، تفصح عن التصورات المفترضة حول طبيعة السلطة، ونظام الدولة المنشود…
لم تأتِ تحوّلات الجيوبوليتيك العربي الأخير، إلاّ كتجلٍّ صريح لاحتدام هذا المثلث من السياقات. لكنه يُفضي على وجه الإجمال، إلى نشوء وعي جديد من أخذٍ بهمّيْن تاريخيَّين متلازمين: همّ السيطرة الاستعمارية، وهمّ الاستبداد الداخلي.
الوجه الأشدّ خطراً في المشهد، ذاك الذي يتولاه الجهاز الإيديولوجي النيوليبرالي، في سياق ما نسميه بـ"الحرب على المعنى". وهو سياق يعمل على اغتيال الولاء للهويات الوطنية، وتفكيك منظومات القيم الفكرية الدينية والأخلاقية، خصوصاً تلك التي أسست لتلك الهويات، ومنحتها التسديد والتأييد على امتداد أجيالٍ كاملة. فلئن كانت الغاية الابتدائية من وراء هذه الموجة، صناعة وعي عام قابل للإذعان، فإن غايتها القصوى تتمثّل في جعل الجمهور المُستهدَف راضياً بما هو عليه، وممتنعاً بإرادته عن التساؤل والنقد والاعتراض. وأما حاصل ما تنشده، هو أن تحيل المهيمَن عليه إلى وضعية تجعله غافلاً عما هو فيه، وتدفعه نحو قناعات تُفضي به إلى الاستسلام والإصغاء والتمثّل.
2-الاستئناف المتجدد للأطروحة
في الوضعيّة العربية، تتحرك وقائع "الحرب على المعنى" في السياق التاريخي الممتد لأطروحة سايكس- بيكو. ويمكن معاينة ذلك ضمن ثلاثة محاور:
الأوّل: مصادرةُ أيّ احتمال للتغيير، من شأنه أن يضع شعوب المنطقة على صراط السيادة الكاملة.
الثاني: استئناف العقل النيو- إمبريالي، ممارسة "لعبة الفوضى والتفكيك" كاستمرار للميراث السياسي والعسكري الذي ظهر بقوة في حقبة المحافظين الأميركيين الجدد. لكن هذه اللعبة، سوف تتحرّك مجدداً على شكل حروب متلازمة من الاحتلال والغزو المباشر، إلى تغذية المنازعات الطائفية والمذهبية، وبالتالي إلى الدفع بالحروب الأهلية المفتوحة.
وأمّا المحور الثالث: فيقصد الساعون إليه، احتواء مشاعر التفاؤل بالنصر لدى شعوب المنطقة؛ وذلك ما يظهر بصورة جلية في تبهيت البُعد الوطني والأخلاقي والإيماني لثقافة مقاومة الاحتلال. وفي مناخ الانتصارات التي حقّقتها المقاومة في لبنان عام 2006، وفي فلسطين عام 2009، سنرى كيف تضاعفت وتائر الاحتواء حتى بلغت اليوم ذروتها. في النموذج المدوّي الذي أظهرته الحملات الإعلامية المستهدِفة معنى العداء لإسرائيل ومغزى الانتصار عليه. سوف نشهد تدفقاً لسيل هائل من الخطب والصياغات تتغيّأ إجراء تحويلات عميقة في الوعي العربي والإسلامي العام يصل مداه إلى "عقلنة" الأطروحة الإسرائيلية، ويهدف إلى جعلها جزءاً من الجيوبوليتيكا الحضارية، والدينية، والسياسية لشعوب المنطقة. ولعلّ ما نشهده من تداعيات، إن لجهة تعميم القيم الليبرالية، والأخذ بثقافة المجتمع المفتوح، أو لناحية تفعيل عمليّات التطبيع، إنما يُظهر المقاصد الحقيقيّة لما اصطُلح عليه بـ«ربيع العرب». حيث احتلت ثقافته مشاغل التفكير في عالمنا العربي والإسلامي، تحت عناوين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. ولمّا كانت قيم كهذه ذات قابليّة استثنائية للستخدام في لعبة التوظيف، كانت النتيجة إسباغ الشرعيّة على ما لا شرعية لوجوده، بحيث لا يؤدي أي تغيير ثوري إلى وضع المجتمعات العربية والإسلامية، ومراكز القرار فيها، في مواجهة تاريخية مع السيطرة الثقافية الاستعمارية، وبالتالي مع الدولة اليهودية في فلسطين.
إذا كانت هذه هي السِمات الإجماليّة للتحوّل العربي، فالذي يبدو من صورته المستخلصة هو الإنباء عن زمن استثنائي وجديد من المواجهات.
الاستثنائية والجدة، كصفتين ملازمتين للزمن الجديد، تجعلانه زمناً انتقالياً هو أشبه برحلة قلقة يتساوى فيها الخوف والرجاء، والتقدّم والتأخّر، والنّصر والهزيمة. ذاك أن السمة اللافتة فيه أنه زمن مركب ومتحوّل، وأن جلاء صورته النهائية، أمر متعلّق بالحصاد الإجمالي للاحتدام بين عناصره ومكوناته وقواه. ومثلما يحمل زمناً كهذا وعوداً بآمال كبرى، فإنه ينطوي في الآن عينه، على روح متشائمة قد تحجب طول الأمل بثقافة الإحياء الحضاري لدى نخب الأمة وجماهيرها .
ترتيباً على صفات الزمن المستحدث هذا، سوف ينكشف أمامنا منفسحٌ تاريخيٌّ رخو تتعادل فيه رهانات النهضة مع هواجس النكوص والإحباط . ولنا أن نلاحظ ظهورات هذا المنفسح من زاويتين:
أولاً: إن سؤال النهضة، ما عاد بالنسبة للنّخب، مجرد خطبة افتراضية شكلت على مدى أحقاب طويلة منعقداً لفظياً لا طائل منه.. فإن المزيّة الأبرز للحراك الجاري تكمن في تنبيه الفكر العربي المثقل بالتشاؤم، إلى وجود إضاءات تدفعه نحو إعادة صياغة بيان التقدّم على قاعدة التفاؤل. ومثل هذا التنبيه سيكون له أثر حاسم في إمداد التحيّزات والولاءات الوطنية بآمال الخروج من الخوف وعدم الثقة وعقدة الهزيمة.
الثانية: "أن من بيّنات هذا المنفسح، استئناف الشعور بعدم قابلية البيئة العربية لإنجاز ولادات فكرية وسياسية وثقافية، تُفضي إلى جعل فكرة التقدّم الحضاري العربي أطروحة راهنة. مردُّ هذا الصدع، الذي ضرب البنية المفاهيمية التقليدية السائدة، لم يكن وليد اللحظة الراهنة، وإنما حصيلة سلسلة من الاحتقانات والإحباطات المتراكمة، لعل أكثرها مدعاة للنقاش ما تعلّق منها بالهويات الضائعة، والولاءات الممزّقة على مدار المنطقة والعالم.
3- سايكس- بيكو وسيرورة الانسداد الحضاري
ما فعله سايكس- بيكو كان أشد عمقاً وتجذراً وخطورة على الماضي والراهن والمقبل من مجرد تقاسم نفوذ على جغرافيات الامبراطورية العثمانية المنهارة. فلسفته العظمى إطلاق سيرورة طويلة الأمد من الانسداد الحضاري. ولو عاينَّا البيانات الإجمالية لهذه السيرورة سنلاحظ جريانها على ثلاثة خطوط متلازمة:
الخط الأول: إقامة جدار إسمنتي سميك أمام سريان قيم الحداثة إلى الدول والمجتمعات المشمولة بجيوبولتيك التجزئة: التحرر من التبعية– إقامة بناء الدولة الأمة– تأسيساً على العدل الاجتماعي والديموقراطية والفصل السلبي بين الدين وموجبات بناء المجتمع ومؤسسات الدولة.
الخط الثاني: إنشاء جيوبوليتيك عسكري استيطاني يتولى حفظ التموضع الإمبريالي المستحدث ويضبط أي خرق ثوري استراتيجي لمثل هذا التموضع. ودليلنا البسيط هنا، أن الوعد البريطاني بوطن قومي لليهود في فلسطين لم يكن سوى التجلي الأصيل لأطروحة سايكس- بيكو ومقاصدها الكبرى.
الخط الثالث: التأسيس لاحتراب أهلي لا قرار في الأمد المنظور. وذلك عبر جعل مقولة التجزئة استراتيجية على الحروب في كل الاتجاهات. حيث تتحول الجغرافيا العربية أرضاً لا تهدأ ولا يكون لشعوبها منفسح للبناء والتقدم. والحصيلة الإجمالية لهذا الخط، لا تفضي في جوهرها بما يتعدى منطق سايكس- بيكو ومقاصده– بل إلى تجددها نحو يساوق الشروط الموضوعية لأحوال المنطقة والعالم. على امتداد مائة عام ظهر المشهد الإجمالي وفق التدرج التالي:
الأول: -نزاع الامبرياليات الغربية في الحرب العالمية الثانية، بداية الأربعينيات.
– حرب احتلال فلسطين نهاية الأربعينيات.
– حرب العدوان الثلاثي على مصر 1956.
– حرب احتلال ما تبقى من فلسطين وما تبعها من توسع إلى الأراضي العربية 1967.
– الحروب المتتالية التي شُنَّت على الحركة الوطنية الفلسطينية منذ العام 69 وإلى يومنا هذا.
الثاني: راهن وهو ما نسميه بـ"حروب التآكل" أو حرب الجميع على الجميع، حيث انفجر الجيوبوليتيك العربي من داخل، بعدما بلغت اختبارات الحروب المباشرة عليه درجات غير مسبوقة في تاريخنا الحديث.
هذا المنفسح الدموي الذي نعبره اليوم يدخل دخولاً أصيلاً في المقاصد المعاصرة لميراث سايكس- بيكو. لم تكن فلسفة الفوضى الخلاقة التي اقترفها عقل المحافظين الأميركيين الجدد سوى تظهير مستأنف لفلسفة التجزئة التي سرت مفاعيلها في العام 1916، وها هي اليوم تتمدد إلى كل ناحية في أصقاع الجيوبوليتيك العربي المعاصر.
التفاتاً إلى عمق أطروحة سايكس- بيكو وأصالة حضورها في التكوين التاريخي للجيوبوليتيك العربي، أنها استطاعت أن تستولد مقولة الإرهاب ثقافة وفعلاً وامتداداً جغرافياً، لتزيد من فاعليات الانسداد الحضاري، ثم لتدفع بسيل هائل من التفجير حفظاً لما أُسكِنَت فيه المنطقة قبل قرن خلا.
لقد تضافرت إدارة الفوضى الخلاّقة مع إدارة التوحش، سواء أدرك ذلك المتضافرون أم لم يدركوا. والأصح أن الذين نظّروا للإرهاب فقهاً وعملاً ميدانياً كانوا على يقين مما صنعوا، ولو كان لكل منهم غاياته ومراميه.
إن ما يبدو اليوم على نشأة التفتيت بعد مائة عام على التجزئة، هو ضرب من حضور بيّن للماضي في الحاضر. بل هو أدنى إلى تراجيديا دامية تدار بعقل صارم ونفس باردة. وما ذاك إلا للحفاظ على أسوار مدينة سايكس- بيكو غير الفاضلة.
لا يتراءى لي في واقع الحال ذاك، أن هذه التراجيديا سوف تتعدى حدود ما شرّعه الدبلوماسيان الفرنسي والبريطاني. فما دام كل شيء يجري في السياسة والحرب ولعبة الدم باقٍ داخل السور المحفوظ بمصالح المنخرطين، فكل شيء يجري وفق سَيْرَّيَةٍ مُحكمة الإيقاع. وما ذاك إلا لأن المواجهات الحاكمة اليوم على الجيوبوليتيك العربي– الإسلامي، سيكون مآلها العودة إلى موائد التسويات.