سيبقى العام 2005 مقيماً بيننا أعواماً طويلة ، حتى إننا نتوقع تغيرات خطيرة في الأعوام القادمة قد تبدل جغرافية هذه المنطقة وأنظمتها المتهاوية ؟ …
أحداث العراق هزت ضمير العالم والإجرام الحاصل في ربوعه يكاد يقضي على وحدته ويغير معالمه……
أما في الشام فالعصابات نفسها تلتف على عنقه لتشده إلى مخططها الإجرامي الرهيب، ولكن عاصمة الأمويين تقاوم بقوة وعناد وتحفظ شرف الأمة بما عندها من حكمة وذكاء وصبر عزَّ نظيره في هذا العصر المضطرب …….
والحقيقة أننا في لبنان، ما زلنا على الرغم من كل ما حدث في العالم الأوروبي والأميركي والشرقين المتوسط والبعيد نعيش مرحلة القرون الوسطى، وإذا استمرت الحالة على ما هي عليه فلا عجب إذا تم تصغير لبنان، فالذي يتكلم اليوم عن "تزوير الخرائط " يجب أن يكون حاضراً في الجغرافيا السياسية للعالم لا أن يكون غائباً قابعاً وراء جهله وأمامه إسرائيل تتقدم بمشاريع الاستيطان وتمارس بأسلوب همجي التوسع والعدوان…..
من هنا يجب الاعتراف أن العالم اليوم يعيش أزمة العراق وفلسطين ولبنان والشام والأردن، وأن العالم كله على فوهة بركان هائل سعيره آتٍ من الحقائق التي تكررت مراراً بنسخ معدّلة، وبقسوة متصاعدة، كانت ولم تزل مفروضة بحكم التاريخ والجغرافيا وبحكم التلاعب المصيري بأسس وجوده ….
إن دول هذه المنطقة محكوم عليها ، أن تكون جهودها مكرسةً في خدمة آلة عسكرية تضرب مرة كل عشر سنوات ومحكوم عليها أن تكرس الجهد الباقي من ثرواتها لإرضاء الغرب ومعه أميركا الإسرائيلية كونهم لا يقبلون عن جزّية الطاعة بديلاً. وكل من يخالف قانون الانتظام الدولي هذا يعتبر مارقاً ويهدد الأمن والسلام الدوليين ؟…..
إن الدول الأوروبية مع أميركا وإسرائيل تهدد يومياً وبكل وقاحة ما تقوم به إيران من تجارب نووية سلمية، ولا ترى ما تملك إسرائيل من ترسانات قنابل ذرية تهدد فيها العالم بأسره ؟ والويل لهذا العالم المعرّض للاشتعال، إذا أفلتت لعبة الدول من بين يديه….
إن مصير هذا الشعب في العراق والشام والأردن ولبنان وفلسطين متوقف على وعي أبنائه للمؤامرات الخطيرة التي تُحاك حوله فلا يقع فريسة الأوهام ويتخلى عن الحقائق الاستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والطبيعية التي هي مصدر قوته وضمان لمصالحه ووحدته ومستقبل أبنائه ؟ فلا يضيع وراء الأكاذيب والخطط التي ترسمها له المصالح الأجنبية فيقع فريسة أضاليلها ومؤمراتها الهادفة إلى تمزيق وحدته والسيطرة الكاملة على كل موارده وخيراته ومصيره الأخير. إنها صورة مرعبة ولكن من النادر جداً أن يكون اليأس عندنا أقوى منا، فبيننا وبينه عداوة متأصلة فهو موت مبكر، أما نحن فإيماننا المسلح بالعقل والإرادة قادر على اجتراح معجزة البقاء ثم الانتصار الأكيد .
هذا المقال نُشر في جريدة "تحولات"
العدد التاسع-آذار2006