لم تكن علاقتي بتحوّلات سركيس أبو زيد ، كمنشور ثقافي أو مجلة صراعية فحسب ، هي علاقة أبقى من الإنسان عينه ، هي علاقة خلق وفرادة ، وبحث عن معنى الحرية
أربعون عاماً وتحولات تصارع ثقافياً لتكسب فهمها للآخرين ، علاقة الشيء بالشيء صعبة إذا بدت متشابهه ، لأنها منسوخة ولا تتمتع بفرادة غيريَّة ، النقيض دائماً يصنع الحرية ، المهم في كل ذلك ، كيف تكون الحرية ؟
الجواب معلقٌ منذ فجر التاريخ ، حرية مَنْ ؟ حرية ماذا ؟ حرية كيف ؟ ولماذا نقيس أحمالنا كما نقيس أفكارنا ، بوزنات حديدية قديمة؟؟
تجيء " تحوّلات" لتسأل كم زمن مضى دون ملاذ ، دون بلوغ هدف ، دون سؤال أساسي لتأسيس معنى ، أو تجسيد ذاكرة حيّة اسمها الغد ، فتجنُّب استعمال أدوات التوكيد والجزم والنصب ،ونتبع مفهوماً دلالياً مُحققاً يحاكي الأشياء بأسمائها بغية إضافة جديدة لمعنى الحياة …
لم تأبه تحوّلات سركيس أبو زيد للسفسطة التي دخلت على اللغة العربية من بابها اليوناني ، فالتعبير شأن فردي لا يتعلّق بمجموع نمطي قام على الموروث التقليدي ، لكلٍ حسب فهمه ، ولكلّ إرادة عمل ، ولكلّ عمل وظيفة …
سركيس أبو زيد ترك تحولاته تصارع الموج ، وتنساب بطبيعتها إلى مدى يصنع نفسه ، فمضى بغير نمطية سردية تذكّرنا بأمجاد الماضي التليد ، أو بأفكار الغد البعيد ، وإنما راح يسأل ماذا نريد أن نفعل لنصبح كوكباً يعي أنه جزءٌ من كُل ، والكُل جزءٌ من داخلنا وضمير الوجود …
أكثر من مرة ناقشت سركيس بموضوع النقطة ، وسألته استعمال الفاصلة في تركيب جمله ، وأن لا ينهي الكلام بنقطة ، بل بثلاث … لأننا لا ندرك إذا انتهينا ، فهناك ما علينا فعله نحن أو أحد آخر … فأكّد سركيس ببسمة : دعنا لا نبدأ إذاً ، لأن ليس بمقدورنا أن ننهي عملاً نظنُّ أننا أنجزناه ، نحن في التجريب ، والبقية تأتي ، لهذا كانت " تحولات " …
مبروك " تحوّلاتك " يا سركيس في ميلادها الأربعين …