في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدأت الحداثة الغربية تتسرب إلى الشرق، وتحديدا عبر لبنان، من خلال قانون «التنظيمات » الذي أصدرته السلطنة العثمانية، بينما كان الغرب ال أ رسمالي يسعى للحضور والسيطرة على المنطقة مستفيداً من ترهل الامبر طورية العجوز بعد مرور نحو أربعة قرون على تسلمها زمام الخلافة الإسلامية.
وبعد عقود طويلة من وفود الثقافة الغربية إلى الشرق عبر الإرساليات، والعلاقات التجارية مع تجار المنطقة، ومنتجيها، كان من السهل على السلطان عبد الحميد الثاني ) ١٨٧٦ – ١٩٠٩ م( أن يطبق ما بدأه في عاصمة السلطنة استانبول من تحديثات على مدن السلطنة التي شكلت ما ركز الولايات العثمانية، ومنها بيروت التي أبدى «سكانها، ومثقفوها، والقوى الفاعلة فيها، حماسة للتحديث »، بحسب الدكتور خالد تدمري المتخصص في شؤون العمارة الإسلامية.
في ظل هذا المنحى للسلطنة العثمانية، اتجهت بيروت نحو بناء ذاتها على الطابع الحديث، طابع القرن العشرين، في حركة يصر تدمري على وصفها ب »النهضة”، مضيفا: «بفعل كثافة الاتصال مع الغرب، والتلاقح بين الأفكار، إضافة إلى موقف أهل بيروت المعرفي، وتشبع نسيج مجتمع المدينة بتلاوين الحداثة، سهل كل ذلك تحديث بيروت وتطويرها لتصبح بمستوى طموحهم وتطلعاتهم”.
هذه النهضة البيروتية تجسدت بمعرض للصور تحت عنوان «بيروت نحو القرن العشرين: نهضة حضارية هيأت لقيام عاصمة » أقامته بلدية بيروت في قصر الأونيسكو، بين ٨ و ١٢ تشرين الأول )أوكتوبر( بتنظيم من تدمري.
يروي المعرض في أكثر من 100 صورة عملية التطور الذي شهدته العاصمة بيروت، والإج ا رءات التحديثية التي جرت بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
بيروت نحو القرن العشرين.. معرض استعادي من تاريخها
106
المقالة السابقة