البركة الرسولية تشمل أبناءنا وبناتنا الأعزاء: مارينا جرجس الأشقر، أرملة المرحوم منصور مخايل عازار، وابنيه وابنتيه، وشقيقته، وعائلات شقيقه وشقيقاته، والحزب السوري القومي الاجتماعي، وسائر ذويهم وأنسبائهم في الوطن والمهجر المحترمين.
في ذكرى قيامة الربّ يسوع من بين الأموات، منتصراً على الموت، نودّع معكم بالأسى والصلاة فقيدكم الغالي الشيخ الجليل المرحوم منصور مخايل عازار، عن ثلاث وتسعين سنة، زخرت بالإيمان والعطاء والجهاد الفكري والوطني والاجتماعي، راجين أن يقيمه المسيح الربّ من ظلمة الموت إلى أنوار المجد السماوي.
ولد المرحوم منصور في عائلة كريمة مؤمنة، من عائلات بيت الشعار العزيزة وتربّى على يد والدَين فاضلين زرعا في قلبه وقلوب شقيقه وشقيقاته الأربع مبادئ الإيمان ومحبة الله والناس، وروح المسؤولية، وحب المعرفة. فانكبّ على تحصيل العلم وأنهى اختصاصه في الجامعة الأميركية في بيروت، حيث نال إجازة في الفلسفة وعلم النفس، وصقل شخصيته بالثقافة وحلو المعشر ولباقة الحوار. واستهوته الأمور الفكرية، والتطورات السياسية والوطنية في منتصف القرن المنصرم، فانتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي وراح يناضل في صفوفه، ويتحمل مسؤوليات قيادية مركزية ومحلية، فكان رئيساً للمحكمة الحزبية، ثم عميداً للمالية أكثر من مرة.
وكان أن حمله طموحه على السفر إلى بلدان أفريقيا حيث أمضى سنوات طويلة، مع إسهامات كبيرة في المجال الصناعي، إلى جانب نشاطه في أوساط المغتربين، وفي الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم. وقد أصدر في باريس مجلة "المنبر" التي شاءها لسان حال لبنان المغترب، فاحتلت مكانة مميزة بين صحف ومجلات العالم العربي بمادتها وأسلوبها ونهجها الفكري والوطني. وفي لبنان، قرن عمله الصناعي بالنشاط الفكري، فأسس داراً للنشر بإسم "مكتب الدراسات العلمية" التي أحيت العديد من المحاضرات والندوات لعدد كبير من المفكرين، وأصبح عضواً في اتحاد الكتّاب اللبنانيين، وله العشرات من الكتب، بالإضافة إلى المئات من المقالات في العديد من الصحف والمجلات.
اقترن المرحوم منصور بشريكة حياة فاضلة هي السيدة مارينا جرجس الأشقر، التي كانت إلى جانبه الزوجة الوفية والمرأة القديرة التي شاركته حلو الحياة ومرّها، وعاشا معاً حياة زوجية رضيّة، وتعاونا على تربية ابنيهما وابنتيهما تربية مسيحية ووطنية صالحة، ووفرا لهم ثقافة عالية فتحت أمامهم أبواب النجاح في المجتمع. وقرّا عينّاً بهم يؤسسون عائلات صالحة، ويسهرون على تربية أولادهم على المبادئ الدينية والأخلاقية التي تربوا هم عليها.
في حياته الاجتماعية، أخلص لأصدقائه ومدّ يد المساعدة للمحتاجين، وساند المشاريع الخيرية والإنمائية، وفي طليعتها مشروع بناء كنيسة بلدته بيت الشعار. وكان في ذلك يعطي بالشكر لله على ما جاد به عليه.
ومنحه الله حياة مديدة عرف فيها النجاح والسعادة إلى جانب الصعوبات والمحن التي واجهها بشجاعة وحكمة. وفي سنواته الأخيرة ثقلت عليه آلام المرض وأوصاب الشيخوخة، فاحتملها بإيمان وصبر متكلاً على عناية رحمة الله. وقد أحاطته شريكة حياته وسائر أفراد العائلة بالعناية والمحبة والاحترام، ما خفف عنه وطأة الألم وشدّده بالعزاء. وأسلم الروح مطمئن البال، شاكراً الله على نعمه، ومصحوباً بالدعاء، راجياً أن ينال من رحمة الله جزاء المناضلين النشيطين والمؤمنين الصالحين.
وعلى هذا الأمل، وإكراماً لدفنته، وإعراباً لكم عن عواطفنا الأبوية، نوفد إليكم سيادة أخينا المطران سمير مظلوم، نائبنا البطريركي، السامي الاحترام، ليرئس باسمنا حفلة الصلاة لراحة نفسه، وينقل إليكم جميعاً تعازينا الحارّة.
تغمد الله روح الفقيد الغالي بوافر رحمته، وسكب على قلوبكم بلسم العزاء.
عن كرسيّنا في بكركي، في الرابع من شهر نيسان سنة 2015.