آليات دخول الحداثة التشكيلية إلى لبنان: من المتطلبات الدينية والاجتماعية إلى البعدين الأكاديمي والسلعي
مقدمة
استقرت الثقافة العربية على ثباتها فترة طويلة من الزمن قبل السيطرة الأوروبية على منطقة الشرق العربي. بقيت أمينة لمعايير لم تتبدل إلا بحدود مقبولة جعلها تحافظ على جوهرها. لكن تعرف بعض المثقفين والمفكرين العرب إلى الثقافة الأوروبية والتعمق بها، ساعد على اعترافهم بتفوق الفكر الغربي وجعلهم يتحمسون للانخراط في تغيير البنى الثقافية التي فرضها العثمانيون، تبنوا هذا الفكر أو حيزاً رئيسياً منه، موقنين أن ذلك يشكل الطريق الأوحد نحو تقدم البلاد، مشابه لذلك الذي نالته المجتمعات الغربية. لذا أنتجوا ثقافة تتماهى مع الثقافة الغربية في الحقول الأدبية والفنية المختلفة، متخلين، في ذلك، عن حيز واسع من تراثهم الأدبي والفني. صحيح أن ذلك أرسى أنماطاً جديدة من الثقافات، إلا أنها بدت للوهلة الأولى هجينة أو هي في أحسن الحالات تقليداً لما ساد في الغرب.
دخل فن الحامل أو فن المسند إلى منطقة الشرق العربي متأخراً جداً على انطلاقته في الغرب، ولم نتعرف إلى فنانين عرب عملوا بشكل صريح وفقاً لهذا الأسلوب إلا في نهايات القرن التاسع عشر ومطالع القرن الماضي، متخلين في ذلك عن الفنون التراثية التي كانت موجودة في مجالهم، والتي تجلت في لبنان بالفنون الإسلامية والبيزنطية والأرثوذوكسية والفن البحري المبني على الأسلوب العثماني. أدى هذا التحول إلى نكران رعيل من "المتحولين العرب" وجود فن تشكيلي سابق على الفن الأوروبي في بلادهم، معتبرين أن ساحتهم كانت فارغة من عملية الإبداع، وأن تبني هذه الفنون من دون أدنى تعديل يعنى بداية العمل على تأسيس فن تشكيلي إبداعي، وذلك رغم وجود فن تراثي كان لايزال حياً ويعمل به في مجالات مختلفة. أدى كل ذلك، في البدء، إلى الانصراف عن التراث، وإلى الأخذ بالأساليب الغربية واللحاق بها بشكل تبعي.
1- الفن التشبيهي والطوائف اللبنانية
شهد المشهد التشكيلي في لبنان تغيرات مهمة بدلت من آليات التعبير الفني. فقد كان الموقف في الوسط السني اللبناني رافضاً للفن التشبيهي بشكل عام، عانى الفنان مصطفى فروخ (1901- 1957) من رفض وسطه المبني على قاعدة "منع" التصوير التشخيصي، وذلك منذ صغره. وعلى الرغم من أن بعضاً من الموضوعات العائدة للفن الغربي تسللت إلى أوساط البرجوازية السنية والفئات المدينية التي تأثرت بالثقافة الغربية، فإن الموقف العام من التصوير التشبيهي كان متزمتاً بعض الشيء. وبما أن فروخ في صباه ملأ الجدران والأوراق بخطوطه ورسوماته، فقد نهاه رجال الدين السنة عن "هذه العادة السيئة"(1)، خاصة في الكتّاب الذي كان يؤمه ليتعلم فيه الدين وقراءة القرآن، إلى أن جاءه شيخ مصلح شجعه على المضي في مساره الفني. فلولا حركة الإصلاح ورجال الدين المصلحين لاستمر موقف المنع، ربما، لسنوات طوال.
أما في الوسط الشيعي، فقد اختلف الموقف جزئياً عن الموقف السني من الرسم الواقعي، وخاصة الموقف الفقهي. لذلك رأينا صوراً ورسومات للنبي محمد والإمام علي وولديه الإمامين الحسن والحسين… على أنه ينبغي التذكير بأن المساجد والجوامع الشيعية خلت من كل الرسوم الإنسانية واقتصرت عملية التزيين على فني الخط والزخرفة، بينما تواجدت هذه الصور في الأندية الحسينية. ولا يذكر التاريخ الذي لدينا أي دور لعبته البرجوازية الشيعية في تشجيع فنانين على اعتماد الأساليب الغربية في الفن، باستثناء ما طلبه الوجيه البيروتي الشيعي رشيد بيضون من مصطفى فروخ إنجاز رسم شخصي له مقابل بدل مالي معين. ويعتقد أحد المراجع الدينية الشيعية العلامة السيد حسين فضل الله أن "المصورين الذين يصورون شيئاً من الوجود فإنهم يمثلون الصورة التي سبقتهم في الواقع أو في حركة الفكر. أما خصوصية الله الخالق، البارئ، فهو الذي يخلق الصورة من غير مثال، وهو الذي يبدعها ويوجدها"(2)، ويتابع بالقول "… ومنطق ذلك هو من الله الذي خلق (للإنسان) عقلاً وهيأ له كل واقع التجربة التي استمد منها هذه اللفتات والإيحاءات"(3)، كما يكمل "وكذلك لا نجد للصورة أية سلبية"(4)، وفيما يختص بتصوير صور للأئمة يقول "… ليست لدينا مشكلة حتى لو أنها صور للإمام علي… ولا نرفض أصل الصورة، ولكن نرفض شكل الصورة على أنها لا تتناسب مع الآفاق التي يعيشها الإمام علي، لأن الصورة لا بد أن تنقل الأفق، من هذه الناحية لا مشكلة…"(5). وفي الوسط الدرزي لا يذكر التاريخ أن نزوعاً تكون لدى البرجوازية الدرزية، المتحدرة بأكثريتها من رحم الإقطاع (المقاطعجية)، نحو اقتناء رسوم وصور فنية ومنحوتات، أو الحض على رسمها وتشكيلها ومساعدة المبدعين الدروز في هذا المجال. ومن الملفت أننا لم نقرأ في التاريخ موقفاً من الزعماء والأعيان الدروز ضد استقدام الأمير فخر الدين لبعض الرسوم والتماثيل من إيطاليا، بل إن الصراع مع الموارنة كان بعده الأساسي سياسياً واجتماعياً أكثر منه ديني. لكن أحاديث دارت بيننا وبين بعض المثقفين الدروز حول اقتناء الصور والأعمال الفنية، وتعليقها على جدران منازل درزية أوصلتنا إلى قناعة أن غالبية البيوت الدرزية خلت من الرسوم والصور في نهايات القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين، باستثناء صور فوتوغرافية لبعض الأجلاء من رجال العقل، وبعض الآيات القرآنية، ذلك لأن المذهب الدرزي يحض على التقشف والورع والانصراف عن أي زخارف وتلاوين. لكن الملفت عند الكثير من متذوقي الفن لديهم حبهم الشديد للخط العربي، حيث إن عدداً من المشايخ أجاد الخط واحترف صناعته كمهنة فنية وتفاخر بها. وعندما نتحدث، مع مريدي الفن التشكيلي منهم، عن الخط العربي وجمالياته تشرق عيونهم وتبتسم مآقيهم.
وفي الموقف الفقهي رفع قائمقامية شيخ عقل الموحدين الدروز في لبنان ثلاث لاءات: "لا تجسيد، لا تمثيل، ولا رسم وتصوير للأنبياء أو الملائكة"(6)، وعلى الرغم من وجود فنانين دروز عملوا في مجال الرسم التشبيهي والنحت التشخيصي فإن شيخ العقل يضيف: "نحن لا تستهوينا هذه الأمور… لا نحبذ ولا نقر تجسيد أو تمثيل أو تشخيص الأنبياء والرسل من خلال رسمهم وتصويرهم لتجنب إثارة المشاعر والنعرات والغيرة والعفوية…"(7). أما في الوسط المسيحي العام فكان الوضع أقل تزمتاً، وذلك لأن الصورة كان لديها فعل قدسي، يتم تلقين التعاليم الدينية بواسطة الصورة، كما أن يسوع المسيح هو ابن الله، يمزج بين المقومات الإلهية والبشرية، وتزدان الكنائس بصوره الشخصية بالإضافة إلى صور تلامذته والقديسين والملائكة ومشاهد تشخيصية تمثل نشر الدعوة بطريقة تظهر الإنسان بلبوسه البشري، وإن اختلفت طريقة التصوير بين الأسلوب البيزنطي والأرثوذكسي وبين الأسلوب الغربي. وشكل الواقع الاجتماعي المسيحي ضغطاً باتجاه اختيار المواضيع، فالتصوير التشبيهي والتجسيدي مقدر من قبل المشاهدين من خلال دلالاته الدينية، هكذا رأينا إقبالاً من قبل الفنانين المسيحيين على الموضوعات الدينية حتى في زمن الحداثة. فالبدايات عند صليبا الدويهي (1912- 1994) مثلاً، كانت تقليد الصور الكنسية التي أنجزها بعض كبار الكلاسيكيين الغربيين. أما في الموضوعات الدنيوية فالأمر اختلف بشكل كبير، فقد أثارت أول لوحة عري رسمها قيصر الجميل "فضيحة"(8). ولم يجد موضوع المناظر الطبيعية له صدى عميقاً في هذه الفترة من الزمن، بين الذواقة والمشاهدين، حيث انصرف الميسورون إلى الرسم الشخصي. لكن ذلك كله تم تجاوزه مع مرور الزمن، ليعكف المتذوقون على اقتناء المناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة وخاصة لوحات الزهور التي زينوا بها صالوناتهم، ولا تزال هذه الظاهرة موجودة حتى يومنا هذا، حيث يتفاخر الناس بتعليق أعمال كهذه في بيوتهم، حتى ولو كانت نسخاً مطبوعة، أو رسوماً منجزة على عجل.
2- متطلبات القرن العشرين
ما إن أطلت عشرينيات القرن العشرين حتى تبين أن تغيرات مهمة طرأت على صناعة العمل الفني وعلى آليات تسويقه في لبنان. ازدادت الجرأة على إنجاز موضوعات العري والمنظر الطبيعي والطبيعة الصامتة والموضوعات الفولكلورية وغيرها، ما عنى تنوعاً غنياً، وانزياحاً جزئياً عن متطلبات الكنيسة والأعيان الميسورين والآتين من الوسط الإقطاعي. لكن فن الصورة الوجهية بقي في الصدارة. لم يعلن الفنانون خصومة مع الكنيسة في الساحة المارونية كما حصل في باريس، لكن وهج الموضوعات الدينية بدأ يخفت. أما في الساحة الإسلامية فبقيت المتطلبات الدينية تلبى وفقاً لمعايير الفن الإسلامي المعهودة. ونادراً ما وجدنا في البيوت التقليدية "معلقات" غير تلك المرتبطة بالدِّين، كالآيات القرآنية وتشكيلاتها الخطية المعروفة، باستثناء صور فوتوغرافية لبعض الشخصيات والزعامات، أو النافذين في العائلة أو رب العائلة نفسه، ناهيكم عن صورة الفقيد التي كانت تعلق في صدر غرفة الاستقبال. وفي بعض البيوتات الشيعية كان البعض يعلقون، بالإضافة إلى ما ورد، رسومات مطبوعة لآل البيت، كصورة الإمام علي بن أبي طالب، وصور الحسن والحسين بن علي المستوردة من سوريا والعراق وإيران، بالإضافة إلى صور أو مجسمات لسيف الإمام علي "ذو الفقار" و"كف العباس". ويرى الشيعة في هذه الرموز تعبيراً عن ألمهم وسخطهم لاستشهاد أئمتهم، كما يَرَوْن بالسيف رمزاً للشجاعة والقوة اللتين اتسم بهما الإمام علي في دفاعه عن قيم الإسلام. أما الصور فهي إعلان انتماء وتخليد "لعصمة" أئمتهم، شهدائهم الكبار المتحدرين من سبط الرسول محمد.
ونادراً ما وجدنا في البيوت الإسلامية في تلك الفترة صوراً أو رسومات لمناظر طبيعية أو رسومات وجهية ما خلا بعض بيوت الوجهاء. لا نعرف على وجه الخصوص فنانين شيعة اعتمدوا الأسلوب الأكاديمي الغربي سوى فنان بقي مغموراً لفترة طويلة من الزمن هو الفنان علي قبيسي.
3- هيمنة الأسلوب الأكاديمي الغربي
والواقع أن ظهور الفن وفقاً للمنهج الغربي، خلال العقود الأولى من القرن العشرين، كان متشابهاً في كل من لبنان ومصر والعراق، "كان في ذهن الفنانين الأوائل أن الفن الحقيقي الوحيد هو الفن الغربي في شكله المعروف في ذلك الوقت، أي الفن التشخيصي، بشكله الأكاديمي… وتبنوا في الوقت نفسه النظرة الغربية فصاروا يَرَوْن أن ليس لبلادهم أي تراث فني…"(9). انخرط المسلمون في عملية التبدل هذه، لكن ذلك اقتصر، في البدء، على رهط ضيق منهم، في الوقت الذي كانت الذائقة الجمالية في مكان مختلف كلياً، "… المشاكل لا تعد ولا تحصى في بيئة جاحدة لأي نوع من أنواع العمل الفني وبأي شكل من الأشكال… الجو العام لم يكن يسمح بوجود فنان… لأن الجمهور بمعظمه قاصر عن فهم اللوحة…"(10). هكذا نشأ، في الوسط الإسلامي تصارع بين فريق يرغب بالعودة إلى التقليد وآخر يريد ركوب التجديد. هكذا بدأ ينحو الفن التشكيلي في لبنان منحى ذاتوياً متماثلاً مع التجربة الغربية، ولكن بالاعتماد على الأساليب الأكاديمية. وقد فتحت السلطة السياسية المجال أمام هذا التبدل بالتشجيع عليه. ولأن الكنيسة بمعمارها الحديث التي جاءت "إما نسخاً عن كنائس أوروبية أو أميركية وإما محاولات لابتكار طرازات مستوحاة من الفن الغربي"(11) فإن معالجاتها التصويرية تبدلت نسبياً بما يتناسب مع الطرز الجديدة، ولكن ضمن إطار الموضوعات الدينية نفسها. لكن التبسيط لم يدخل إلى هذه المعالجات إلا في بعض الزجاجيات التي زينت هذه الكنائس، وذلك لضرورات تقنية وجمالية.
4- حراك فني وصالات مسوِقة
تنامت الحركة التشكيلية ابتداءً من عشرينيات القرن الماضي، بالتماشي مع حركة الاقتصاد اللبناني الذي أصبح مبنياً على اقتصاد السوق وفقاً للنمط الليبرالي الذي أرسته سلطة الانتداب. أُخضع العمل الفني إذاً بجانبه السلعي لمبدأ العرض والطلب. بدأت تنشأ في لبنان صالونات عرض رسمية منظمة على الطريقة الباريسية. أقيمت المعارض في مبنى البرلمان اللبناني بين الأعوام 1931 و1942، ثم في مبنى قصر الأونيسكو، ثم في متحف سرسق الذي تأسس سنة 1961. في العام 1952 اجتمع عدد من الفنانين اللبنانيين وقاموا بتأسيس جمعية أهل الفن التي أصبح اسمها في سنة 1957 جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت، وهي لا تزال ناشطة حتى أيامنا هذه. ومن الفنانين الذين أسهموا بتأسيس هذه الجمعية نذكر كلاً من مصطفى فروخ، وقيصر الجميل (1898- 1958)، ونقولا نمار (1925- 2005)… هدفت الجمعية إلى إنشاء جسم موحد في لبنان يعمل على نشر الثقافة التشكيلية، من خلال إقامة معارض جماعية تعرّف بالفن التشكيلي في لبنان وتطوراته وتبدلاته، وتقيم علاقات فنية وثقافية مع المؤسسات والجمعيات الأخرى ومع أصحاب القرار في السلطة السياسية، وهذا شكل تفعيلاً لعملية التسويق. وكانت تشارك في نشاطات فنية وبحثية تقام خارج لبنان من معارض جماعية وندوات ومؤتمرات، كما انفتحت على الغرب، فاشترك العديد من الفنانين في التظاهرات الفنية التي كانت تقام في أكثر من بلد، وكم من فنان تعاقد مع صالات عرض غربية وانفتح على أسواقها، وقد عملت الجمعية أيضاً على تشجيع دراسة الفنون في أوروبا، وخاصة في باريس، من خلال المنح والتقديمات المحلية والخارجية. هذه الحركة أتاحت الفرصة أمام الفنانين لبيع أعمالهم إلى المؤسسات والإدارات العامة والخاصة والأفراد وجامعي اللوحات، وقد تأخر افتتاح صالات العرض الخاصة (الغاليريهات) حتى العام 1963، حيث تم افتتاح صالة "غاليري وان" في غربي بيروت، وقد عرض فيها كبار الفنانين اللبنانيين والعرب، ثم تبعتها صالتي "كونتاكت" و"لوريان". ونتج عن ذلك كله انخراط لبناني نهائي في نمط "سلعية الثقافة والفن" التي أضحت من بنات التكون الثابت وشبه النهائي للاقتصاد اللبناني في مرحلة ما بعد الاستقلال.
5- انطباعيون أم أكاديميون؟
لم تعنِ حركة التطور التشكيلي في لبنان أن رعيل المطورين الذين نهلوا تماماً من الفن الأكاديمي الغربي، ومنهم: داوود القرم (1852- 1930)، وحبيب سرور (1860- 1938)، وخليل الصليبي (1870- 1928)، وفيليب موراني (1872- 1928) وتلامذتهم، انطلقوا بهدوء ومن دون عوائق، ذلك أن البرجوازية اللبنانية والوجهاء في لبنان اكتسبوا ثقافة البرجوازية الفرنسية وذوقها من الناحية الشكلية على الأقل، ومن دون أن يتاح لرواد الحركة التشكيلية فرض وجهة نظرهم أو أي حيز منها، هذا ما سنراه في مسألة موقف هذه الطبقة من الفن بشكل عام ومن المنظر الطبيعي بشكل خاص، فهي لم تأبه للقيم الجمالية بقدر اهتمامها بما يثبت صورتها وموقعها، هذا ما دفع بالفنانين إلى التوفيق بين طموحاتهم الذاتية من جهة وبين تحقيق متطلبات هذه الفئة من الناس من الجهة الأخرى باعتبارها مادة للموارد المالية. "كان فن هذا الجيل الأول في لبنان، كما كان في مصر، فناً أكاديمياً، استلهم النماذج الباريسية"(12). لكن ذلك لم يعن أن الرعيل الآتي المتمثل بمصطفى فروخ وقيصر الجميل وعمر الأنسي (1901- 1969) ورشيد وهبي (1917- 1993) أدار ظهره كلياً للظاهرة الانطباعية رغم تأخر وصولها بعد فترة بعيدة جداً من نشوئها، ففي حين نشأت الحركة الانطباعية في باريس في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، ظهرت أول تجارب تدل عليها في لبنان في سنوات العقد الثالث الأخيرة من القرن العشرين، فإذا كان الرعيل الأول من "مكتشفي" لوحة الحامل، والذي بقي لزمن طويل مذهولاً من هذا "الاكتشاف"، فإن اهتمامه انصب على تثبيت هذا التحول الراديكالي بدلاً من الانغماس في النقاشات التي دارت في بلاد الغرب والتي رآها عقيمة، وخاصة أن العمل التشخيصي المجسم المتبنى من الشرق العربي قاطبة كان، بحد ذاته، ظاهرة جديدة بالنسبة لهم. وإذا كان البعض في لبنان وقف موقف الريبة من الانطباعية بذاتها، فكيف لهم أن يتقبلوا خروجاً على معايير الواقع؟ هذا في الوقت الذي خرج جمع واسع جداً من الفنانين الغربيين، وفي باريس خاصة، على الانطباعية نفسها، مؤسسين لانقلاب فني مهّد لتفجر الحداثة التشكيلية على مداها الواسع، فاستنبطوا مذاهب جديدة تمثلت بثورة التبسيطية والذاتوية.
أتيح لهذا الرعيل من الفنانين اللبنانيين أن يواكب بزوغ الاتجاهات الوحشية والتعبيرية والتكعيبية والرمزية والمستقبلية والدادائية والسوريالية وصولاً إلى التجريدية وانتصارها. لذلك اندهش الفنانون اللبنانيون أمام تسارع هذا التبدل واشتداد الصراع بين هذه الاتجاهات في زمن يعد قياسياً بالمقارنة مع الفترة التاريخية السابقة. ارتبك اللبنانيون أمام هذا الأمر، فرفضوه في العقود الأربعة الأولى من القرن السابق، واعتبروه ضرباً من الجنون والتخلف، لكون هذه التيارات تعجز عن مباهاة الفنون التشخيصية والواقعية. لذلك فإن أقصى ما ذهبوا إليه معالجتهم للمنظر الطبيعي بلمسة انطباعية، أو استعمال ملوناتها في معالجة الموضوعات الأخرى أحياناً. ذلك أن المعالجة بواسطة هذا الأسلوب ذات مقصد واقعي تماماً "… إنه ليس إلهامياً ولا تخيلياً ولا عاطفياً ولا رمزياً، إنه لا يدخل في اعتباره ما يحس به الفنان تجاه موضوعه، وفيما يتذكر بالنسبة له، وإنما اعتباره قائم على ما يراه في الحال"(13). ظهر في لبنان، إذاً، أسلوب مقارب للانطباعية، ويعزو بعض الباحثين ذلك إلى أسباب مؤداها أن "المفهوم الانطباعي اللبناني يقوم على خصائص تختلف في بعض التفاصيل عن ذلك المفهوم الأوروبي القائم على الخروج عن النظم التصويرية السابقة والمتعارف عليها ثم توجيه انتباه الفنان صوب كل ما هو شفاف ومتغير في الطبيعة، مع التركيز على كون الألوان تتحدد بواسطة النور الذي تتلقاه"(14)، وهذا الاختلاف هو ما يبرر، برأي باحثين، الإصرار على الأساليب التي اعتنقوها رغم أنها آلت إلى الأفول في موطنها، ما دفعهم إلى المراوحة بين الأساليب الكلاسيكية والرومانسية الاستشراقية والباربيزون والبونت أفن بلمسة شبه انطباعية.
وللتذكير فإن الانطباعي صوّر الطبيعة في الهواء الطلق، وبشكل مباشر، ووجهاً لوجه، فاكتشف أن الظلال ليست مظلمة كي تمزج الألوان باللون الأسود، لكنها هي مملوءة أيضاً ببعض الضوء وبتنوعات الألوان القاتمة، وأن بعضاً من هذه الألوان يتأتى من انعكاس أجسام مجاورة مضيئة بعض الشيء، وبعضها ينتج عن طبيعة هذه الأجسام.
نشأت هذه الانعطافة عن اكتشاف نيوتن المذهل في مجال علم الفيزياء الذي ثبت مقولة انقسام ضوء الشمس، بواسطة الموشور، وتحللها إلى ألوان قوس قزح، ما أتاح معرفة أن اللون يتبدل بتبدل المكان والزمان. وبالتالي لا يوجد ثوابت في مجال الألوان فلا السماء زرقاء دائماً، ولا تراب الأرض بني، ولا الشجر أخضر، ولا التفاحة حمراء أو صفراء، فالجسم يكتسب لونه من خلال قابليته لامتصاص بعض أطياف الشمس ولفظه البعض الآخر، "لذلك استبعد الانطباعيون عن ملونتهم اللون الأبيض الصافي، والألوان القاتمة، وكذلك اللون الأسود الذي لا وجود له في الطبيعة، مستخدمين فقط ألوان المنشور السبعة المتلألئة الصافية"(15).
من المؤكد أن الفنانين اللبنانيين لم يختبروا هذه الآليات، بل تأثروا أحياناً بالملونة الانطباعية بعدما أجرى روادها الغربيون تجارب حثيثة أثبتت جدواها ومكانتها في التاريخ التشكيلي. رسم اللبنانيون موضوعات مختلفة منها موضوع الطبيعة، فانكبوا على تصوير مشاهد من جبل لبنان أو ما شابهها. انسحبت أحياناً الملونة الانطباعية على موضوعاتهم الأخرى، لكن الملونة الكلاسيكية لم تتراجع لديهم بل بقيت السيادة لها حتى ثلاثينيات القرن الماضي، كما ظلت الرومانسية مرفرفة فوق بعض أعمالهم، لاسيما الموضوعات القروية والريفية والعادات والتقاليد الجبلية والسمات والأزياء الفولكلورية… تيمناً بالرسم الاستشراقي. نادراً ما وجدنا عملاً "يمجد" بيروت، العاصمة الصاعدة آنذاك، ويرجع إلى هذه الحقبة، رغم أنها كانت مدينة جميلة في ذلك الزمن. كأن بيروت ونمط عيشها، تلك المدينة الخارجة من عمق التاريخ العثماني، والداخلة في نمط علاقات شبه رأسمالية وثقافة تتمازج فيها حضارات عديدة، لم تكن مجالاً للاستقواء والاستلهام على المستوى البصري، كأنا بالفنانين انصرفوا عن المعاينة البصرية للسياق الاجتماعي فذهبوا إلى موضوعات نوستالجية أو وفقاً لمتطلبات السوق كما أوردنا سابقاً، لذلك نراهم يتحولون إلى فناني أرياف بدل أن يكونوا مدينيين، هم استساغوا الطريقة الغربية للرسم، لذلك "… ادخلوا الفن الغربي إلى بلد ذي تقاليد فنية مختلفة، واستطاعوا أن يجعلوا له مكانة في الثقافة المحلية، وأن يهذبوا ذوق الجمهور ويجعلوه قادراً على تقويم فن جديد "(16). وفي سياق الكلام عن أسلوب انطباعي في لبنان نذكر بعض المواقف لعدد من الباحثين. يذكر عفيف بهنسي أننا "لا نستطيع إطلاق تسمية انطباعية حسب مفهومها الفرنسي على اتجاهات الفنانين اللبنانيين، ولكن لا بد من وضع تسمية أكثر صدقاً فنقول الطبيعية"(17). ويعتقد آخرون أن هؤلاء مزجوا بين موضوعات الطبيعة وبين الإطار الأدبي القصصي والشعري، فقد تأثروا "بالرؤيا الأدبية الاستلهامية للموضوع الغنائي(**)، الأمر الذي جعل أكثر من باحث يربط بين المرحلة الغنائية من عمر الأدب والشعر اللبناني وبين بروز هذا التيار المتأثر أصلاً بمعطيات مدرسة باريس التي كانت تعيش مجرد الانطباعية"(18). لكن الذي حدث "… هو أننا جئنا إلى انطباعية جاهزة، مقطوعة الجذور عن أصولها وعن التساؤلات التي سبقتها والتي نجمت عنها… إننا نظل في نظام التقليد. إننا نبقى من دون الشروط التاريخية، وحتى النفسية، التي ولدت الانطباعية…"(19).
اعتنق رعيل المطورين وتلامذتهم الفن الغربي بمندرجاته الأكاديمية، من موقع أنها البداية التي لابد منها للقطع مع الماضي، في الوقت ذاته الذي أخذ الغربيون يفتشون عن التحديث في بصريات الشرق التراثية. لم تنتب الغربيين أية عقدة نقص أثناء استلهامهم لفنون الشرق إسلامية وعربية، فهم انطلاقاً من قناعتهم بعالمية فنهم رأوا أن بإمكانهم الارتكاز إلى الثقافات العالمية مادامت ثقافتهم مفتوحة على مصراعيها ليأخذ منها العالم ما يريد، من هنا وجد فنانو الحداثة أنفسهم قادرين على الابتعاد عن "الواقعية البحتة، حرفوا الطبيعة وسطحوا العمق التصويري، اهتموا بالتصميم التعبيري بدلاً من التصوير الدقيق، أو وصف الموضوع كقصة مروية"(20). لكن الفنانين اللبنانيين المنتمين إلى هذه الحقبة، والفنانين العرب بشكل عام، راوحوا في المربع الأكاديمي الواقعي، فذلك كان يعني لهم تحولاً راديكالياً بالنسبة إلى ماضيهم البصري، وهو لم يكن يعني رمزاً لحالة حياتية بائدة كما كانت عند الغربيين، بل أكثر من ذلك. تنتابنا قناعة بأن هذا التغيير شكّل مفتاحاً تاريخياً لانخراط الفن التشكيلي في لبنان بالحداثة التشكيلية، رغم أن هذه الأساليب الواقعية كانت، في موطنها، مناقضة للحداثة ونمط عيشها. لذلك لم تتم صياغة الثقافة البصرية في لبنان بما يتوافق كلياً، أو زمانياً، وبالوتيرة نفسها، مع ما حصل في الغرب، "ستنتابنا الدهشة في حال لم نجد تأثيراً للحركة الانطباعية على التصوير في لبنان، فالفن يبقى معبراً عن العلاقات الاقتصادية والاجتماعية التي أقيمت بين هذا البلد وفرنسا، ويتبدى ذلك في الهندسة المعمارية والأزياء واللغة والأدب، فلماذا يبقى اللبنانيون، إذاً، متحسسين لتطور التصوير في أوروبا؟…"(21).
لم تسمح البنية الاجتماعية والثقافية في لبنان، في هذه الفترة من التاريخ، أن ينخرط اللبنانيون المطورون لعملية الانتقال من الفنون الإسلامية العثمانية إلى الفنون الغربية، بالتطورات التي شهدتها باريس، أو اللحاق بها بوتيرة سريعة. فالتعددية الثقافية الناشئة عن البنية الطائفية، وبنية البرجوازية اللبنانية الالتحاقية ومتطلباتها البصرية، جعل من إمكانية استساغة الاتجاهات الحداثية التي توالدت في باريس والعواصم الغربية، في الربع الأول من القرن العشرين، مرتبكاً إن لم يكن متعذراً وصل إلى حد الرفض السافر. حتى إن الانحياز صوب الانطباعية وقفت أمامه معوقات. يذكر مصطفى فروخ في كتابه "طريقي إلى الفن" أنه "من كان مثلي يعيش في جو ضيق بعيد عن الفن وممارسته بعدنا عن المريخ، ثم لم يسمع بالفن، ولم يكن أمامه ولا حوله من أسباب التشويق والاندماج الفني لا قليل ولا كثير بل العكس صحيح إذ كل ما حوله مثبطات فقط"(22)، فماذا سيكون موقفه أمام تمردات الحداثة على معتقدات اعتنقها ومارسها، تلك التي قد تعيده إلى منطقة سبق أن نفاها، هو وأقرانه، من ذاكرته وقطع معها؟ هؤلاء المجددون في مجالات الرؤى البصرية هم، بالنسبة له، مشعوذون أمثال "بيكاسو ودوفي وماتيس، دجالو الفن الذين مسحوا الفن والأخلاق"(23). هكذا فعل أيضاً "قيصر الجميل لدى عودته من باريس، هاجم المدرسة التكعيبية"(24). وكان يوسف الحويك قد أشهر موقفاً مماثلاً فوصف بيكاسو أنه لا يحسن الرسم. وبالعودة إلى فروخ فإنه يقول في مناسبة أخرى "لقد مارست تصوير هيئة الأشخاص وهي التي تثمر في بلدنا، أما المناظر الطبيعية وغيرها فإنها لا تهم أحداً"(25). ويذكر رشيد وهبي في السياق ذاته قائلاً "المشاكل لا تعد ولا تحصى في بيئة جاحدة لأي نوع من أنواع العمل الفني وبأي شكل من الأشكال… الجو العام لم يكن يسمح بوجود فنان. فالفنان كان في ذلك الوقت مجهولاً من قومه وبيئته وليس له من مجال للتخصص…"(26).
6- هل شكلت هذه التطورات مدخلاً إلى الحداثة؟
على ضوء كل ما تقدم، هل يمكننا اعتبار هؤلاء الفنانين منتمين بشكل ثابت إلى الاتجاه الانطباعي؟
وهل شكلت تجربتهم مدخلاً إلى حداثة تشكيلية موازية للحداثة الغربية أو مستقاة منها؟ يذكر بعض الباحثين أن "الانطباعية اللبنانية!" شكلت قاعدة للتطور التشكيلي الذي يهم بالدخول إلى الحداثة حيث "… خرجت اللوحة إلى الطبيعة واتجه ناظر الفنان إلى الجبل بعد أن كان لفترة قصيرة متجهاً إلى البحر يرسم السفن الحربية ويؤكد عظمة السلطنة…"(27). والواقع أن الانطباعية لم تكن المعتقد الراسخ لدى الرعيل الذي سمي باسمها، فقد راوح، وفقاً لعدد من الباحثين، فروخ بين الواقعية الأكاديمية والانطباعية، وقد جرب أكثر من فنان منهم أعمالاً تعود إلى المدرسة البحرية العثمانية قبل أن يستدرك بهتانها، فأنجزوا أعمالاً تكتظ بالسفن الحربية والمراكب البحرية ومناظر من الميناء ومواضيع ذات صلة بالبحر كنافذة مفتوحة على نشاطات السلطنة. لقد رسم هذا الرعيل الذي سمي "بالانطباعيين" موضوعات من الذاكرة والمخيلة، مثل الموضوعات الوطنية والمعارك الحربية والموضوعات التاريخية التي تستنهض الشعور الوطني. وتذكر سيلفيا نايف أن فروخ "لم يتساءل عن نوع الفن الذي يريده، ففي ذهنه أن هناك فناً واحداً فقط هو الفن الأكاديمي الغربي… بقي فروخ رساماً أكاديمياً طوال حياته الفنية، وكلاسيكياً سواء لجهة التنفيذ أو لجهة المواضيع"(28). وقد نوّع كل من قيصر الجميل وعمر الأنسي ورشيد وهبي في مواضيعهم ومعالجاتهم، فبالإضافة إلى الطبيعة رسموا العري والفولكلور وموضوعات تاريخية وتراثية، فقد "تأرجح الجميل بين الكلاسيكية التي تمكن منها وبين الانطباعية التي نحا نحوها"(29)، بعض موضوعاته أخذها من الأساطير الفينيقية، كأسطورة أدونيس وعشتروت. نتاج هؤلاء اتهم بأنه "نتاج كلاسيكي رسم خصيصاً للزخرفة والديكور… لم يكن من هدف له سوى رسم لوحة تعجب الناس بجمالها ورونقها"(30). كذلك فإن الأنسي كان كلاسيكياً في رسوماته الزيتية السابقة على أعماله التي عالجها بالألوان المائية (الأكواريل) والتي اشتهر بها.
انطلاقاً من ذلك اعتبرنا أن جيل المطورين وتلامذتهم المقاربين للانطباعية أو المحترفين للفن الغربي، لم تهزهم مسألة الحداثة التشكيلية لا من قريب ولا من بعيد، ولكنهم احترفوا الفن الواقعي بكل من درجاته، من الواقعية المثالية التي تمثلت بالكلاسيكية، إلى الواقعية العاطفية التي تمثلت بالرومانسية وبفن الاستشراق، والواقعية الصرفة، والواقعية الطبيعية المتمثلة بالمدرسة الطبيعية ومدرسة الباربيزون والبونت أفن… وإن كنا تعرفنا إلى مواقفهم من فنون الحداثة، نستطيع القول إنهم أسسوا أرضية لتلامذتهم من الفنانين اللاحقين عليهم، فانخرطوا مباشرة في الحداثة التشكيلية، وأيقنوا من خلالهم بأن الفن الغربي أصبح وسيلة التعبير المعاصرة من دون منازع. لذلك وجدنا الرعيل اللاحق يقارب الأساليب الحداثية الغربية التي رفضها أساتذتهم بشدة.
ماذا نستنتج؟
هكذا يصبح بإمكاننا الاستنتاج بأن الوسطين اللبنانيين المسلم والمسيحي جاهدا للوصول إلى تثبيت التصوير التشبيهي في لبنان على امتداد سنوات طويلة من العمل والمعاندة والأصرار، لذلك لم يكن سهلاً الطلب من الفنانين الذين عاصروا مرحلة التطوير هذه إعادة تموضعهم من جديد في أساليب جديدة قد تشكل ارتداداً إلى ماضٍ أفل، رغم دخول هذا الماضي في إطار الحداثة المستجدة و"المريبة" كما يرون. هم استطاعوا أن يأخذوا لنفسهم مكانة ما في عيون المشاهدين، وأن يؤسسوا لنفسهم جمهوراً يقبل على اقتناء بعض أعمالهم ويتذوقها. وتأسيساً على ذلك يمكننا أن نلخص أسباب رفض هؤلاء الفنانين الانخراط بالحداثة الغربية، وترددهم في تبني المعالجة الانطباعية:
1- الواقع السياسي والاجتماعي بتفاوتاته المختلفة.
2- الوضع الأكاديمي الذي استوجبته الدراسة الفنية في الغرب.
3- صعوبة القطع مع أساليب تبناها الفنانون لتوّهم، والانتقال إلى طريقة تعبير تذكر بالماضي التراثي الذي اعتبروه خارج السياق الفني والجمالي.
4- الفروقات الهائلة بين تطور نمط العيش الغربي وتجلياته الثقافية وبين ما عايشه هؤلاء من معوقات اجتماعية ونمط عيش متأخر لا يسمح بدينامية تبدلية وانفتاح على التطور السريع ولا يمكنه من تموضع ذاتي وكيفي إلا قليلاً.
5- دور سلطة الانتداب في تثبيت الثقافة الفرنسية بهدف تعميق السيطرة على المجتمع ومقدراته من باب الهيمنة الثقافية.
هوامش:
(1) مصطفى فروخ: طريقي إلى الفن، مؤسسة نوفل، بيروت، 1986، ص 113.
(2) السيد محمد حسين فضل الله: لا مشكلة في تصوير الأنبياء والمرسلين والأئمة (مقابلة)، مجلة النقطة، بيروت، العدد 7، خريف 1996، ص 52- 53.
(3) المرجع ذاته، ص 54.
(4) المرجع ذاته، ص 57.
(5) المكان ذاته.
(6) الشيخ بهجت غيث: لا تجسيد، لا رسم، لا تصوير، خشية أن تصبح التصاوير والرسوم أصناماً في عصر المادة، مجلة النقطة، المرجع السابق، ص 68- 69.
(7) المكان ذاته.
(8) إدوار لحود: الفن المعاصر في لبنان، بيروت، ١٩٧٤، ص XXII.
(9) سيلفيا نايف: بحث عن حداثة عربية، أجيال للفنون التشكيلية، ترجمة: حسين قبيسي، بيروت،
A la Recheched`uneModernite`Arabe، Editions Slatkine، Geneve، 1996، ص 27.
(10) رشيد وهبي: الإنسان وظله ملء ريشتي، مجلة الفرسان، باريس، العدد 577، 18 شباط 1989، ص 52.
(11) الأب بطرس ضو: تاريخ الموارنة الديني والسياسي والحضاري، دار النهار، بيروت، 1972، ص 424.
(12) سيلفيا نايف: المرجع ذاته، ص 12.
(13) محمود أمهز: الفن التشكيلي المعاصر، دار المثلث، بيروت، 1981، ص 36.
(14) جوزف أبو رزق وآخرون: المرجع السابق، ص 2.
(15) محمود أمهز: المرجع السابق، ص 24.
(16) سيلفيا نايف: المرحع السابق، ص 122.
(17) عفيف البهنسي: رواد الفن الحديث في البلاد العربية، دار الرائد العربي، بيروت، 1985، ص 111.
(**) كأن الباحث في هذا الوصف يعني الاتجاه الرومانسي من دون أن يذكره، ذلك الاتجاه الذي ارتكز إلى الأدب والمخيلة والأساطير والتاريخ والبعد العاطفي. وقد تكون تلك مقولة تبريرية هدفها إسقاط مفهوم الانطباعية على هذا النتاج، فأراد أن يوحي بأن اللبنانيين أنتجوا انطباعية مختلفة!
(18) جوزيف أبو رزق وآخرون، المرجع السابق، ص 27.
(19) شاكر لعيبي: خرافة الخصوصية في التشكيل العربي المعاصر، دار الثقافة والإعلام، الشارقة، 2003، ص 2.
(20) جورج فلانجان: حول الفن الحديث، دار المعارف بمصر، ترجمة: كمال الملاخ، القاهرة، 1962، ص 159.
: AperçuHistorique، La peinture au Liban، dansLiban، le regard des (21)CRASWELL John
200 ans des peintresLibanais، Liban culture، IMA، Paris، 1989، p.25peintres،
(22) مصطفى فروخ: المرجع السابق، ص 27.
(23) مصطفى فروخ: المرجع ذاته، ص 21.
(24) سيزار نمور: المرجع السابق، ص 115.
(25) سيلفيا نايف: المرجع السابق، ص 113.
(26) رشيد وهبي: المرجع السابق، ص 52.
(27) سيزار نمور: المرجع السابق، ص 15.
(28) سيلفيا نايف: المرجع السابق، ص 127– 128.
(29) جوزيف أبو رزق، صالح بركات، عمران القيسي: الفن التشكيلي في لبنان، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، بيروت، 2002، ص 29.
(30) سيلفيا نايف: المرجع السابق، ص 126.
مراجع أخرى:
القرم جورج داوود: كتاب عن ذاته بعنوان جورج داوود القرم، بيروت، 1981.
البهنسي عفيف: الفن الحديث في البلاد العربية، تونس، دار الجنوب للنشر، الأونيسكو، 1980.
البهنسي عفيف: رواد الفن الحديث في البلاد العربية، دار الرائد العربي، بيروت، 1985.
البهنسي عفيف: الجمالية الإسلامية في الفن الحديث، دار الكتاب العربي، دمشق، 1997.
التريكي فتحي: في الحداثة وما بعد الحداثة، دار الفكر، دمشق، 2003.
جرداق حليم: تحولات الخط واللون، دار النهار، طبعة ثانية، بيروت، 2000.
سلطان فيصل: كتابات مستعادة من ذاكرة فنون بيروت، كتاب السفير، دار الفارابي، بيروت، 2013.
الستوكي عبدالله: تأملات في العلاقة الجدلية بين الحداثة والتراث، المركز الثقافي الدولي بالحمامات، تونس، 1979.
سلطان مهى عزيزة: رواد من نهضة الفن التشكيلي في لبنان، الكسليك، 2006.
شاهين لميا: في مائة عام من الفن التشكيلي في لبنان 1880- 1980، منشورات ريشار شاهين، بيروت، 1980.
عويط ميشال: الموارنة من هم وماذا يريدون، مطابع الكريم الحديثة، بكركي- لبنان، 1987.
فاخوري رياض: حديقة ضيوف، الفن الانطباعي اللبناني، غاليري بخعازي، بيروت، 1993.
لحود إدوار: الفن المعاصر في لبنان، دار المشرق، بيروت، 1972.